(باب: والشريعة)
  وقال الهادي إلى الحق # في جواب ولده المرتضى #: سألت يا بني حاطك الله وهداك رشدك ووفقك عن مسألة هلك فيها خلق من المتكلفين وحار عن فهمها كثير من المتكلمين فقال من ضل عن الحق وتكمّه في ذلك عن طريق الصدق إن إمامة الإمام تثبت بإجماع الناس عليه وحسن رأيهم فيه، وليس ذلك كذلك بل تثبت الإمامة لمن حكم الله له بها وقلده بحكمه إياها وكذلك القول في الأنبياء، فالنبيء من تنبأه الرحمن وبعثه بالهدى والإحسان إلى جميع خلقه فأقام معه الشرائع والبرهان، وكذلك الأوصياء لا تثبت وصاة نبي إلى وصي حتى تثبت له في ذلك حقائق الصدق ودلائل براهين الحق.
  قلت: وما هذه البراهين والدلالات التي حار فيها كثير من أهل المقالات وتكلم فيها بالأمور العظيمات المعجزات؟
  قال: قد سألت فاستقصيت فافهم ما نقول، وما إليه قولنا يؤول ثم اعلم أنه لا تثبت نبوءة نبي في قلوب العالمين ولا يستدل عليها من التابعين ولا تثبت وصية الوصي ولا حجةٌ بحَقٍّ مضيء ولا تثبت إمامة إمام ولا تجب طاعته على أهل الإسلام إلا باستحقاق وعلامات وشرائع ودلالات وعلَم قائم ودليل يدل على أنه صاحب المعنى والمتولي لجميع هذه الأشياء.
  فأما استحقاق الأنبياء À للنبوة فهو بالطاعة منهم لله والاجتهاد منهم في مرضاة الله والنصح لعباد الله.
  فإذا علم الله من ضميرهم أنهم إن بُعِثُوا كانوا كذلك وإن أُمِروا قاموا بذلك أمَرهم حينئذ سبحانه ونهاهم، وبعثهم واجتباهم، ثم أبان معهم العلم والدليل الذي يدل على أنهم رسل مبعوثون برسالته إلى خلقه مبشرين ومنذرين.
  إلى أن قال #: وكذلك الأوصياء فلا تثبت للخلائق وصية الأنبياء إليهم إلا باستحقاق لذلك العَلَم والدليل فأما الاستحقاق منهم لذلك المقام الذي استوجبوا به من الله العلم والدليل فهو فضلهم على أهل دهرهم وبيانهم عن