شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[حقيقة الإمامة لغة وشرعا]

صفحة 17 - الجزء 3

  الظلم والتظالم بين الخلق وقوة الظلمة لأنهم ربما قتلوه لاستنكافهم عن الدخول تحت طاعته فيصير نصبه سبباً في الفتنة فأما عند عدم الظلمة وخُلُوّ الزمان عنهم فإنه يجب نصبه لإظهار شعار الإسلام وإقامة واجباته وقوة شوكته.

  وأما النجدات من الخوارج وضرار بن عمرو فلم يوجبوا نصب الإمام في حالة من الحالات وذهب إلى مثل هذا القرشي في المنهاج حيث قال: الظاهر من كلام العلماء أن الإمامة واجبة ويحتجون لذلك بإجماع الصحابة حيث فزعوا إلى نصب إمام بعد رسول الله ÷ من دون تناكر.

  قال: وفيه إشكال من وجهين:

  أحدهما: أن إجماع الصحابة أو غيرهم على الفعل لا يدل على وجوبه بل لا بد أن يعلم أنهم فعلوه على وجه الوجوب فأما ما لم يعلم الوجه الذي أوقعوا عليه الفعل لا يمكننا دعوى الوجوب لجواز أن يفعلوه على جهة الندب ولهذا أجمعوا على فعل صلاة الوتر ولم يدل ذلك على وجوبها.

  فإن ثبت بالتواتر أنهم أجمعوا على جهة الوجوب فذاك وإلا لم يمكن القطع بمجرد فعلهم على أنها للوجوب.

  الوجه الثاني: أنه قد أجمع المحقون على جواز خُلُوِّ الزمان من إمام فلو كانت الإمامة واجبة في عصر الصحابة لوجبت في كل عصر كسائر ما أجمعوا عليه، ولو وجبت في كل عصر لما جاز خلو الزمان من إمام لأنه يكون فيه إجماع الأمة على الخطأ وهو الإخلال بالواجب.

  (قلنا) رداً على من خالفنا في وجوبها رأساً أو زعم أن العقل لا يدل على وجوبها: (التظالم واقع) بين الناس قطعاً (ولا يتم دفعه إلا برئيس) للناس عموماً يرجعون إليه لأن دفعه من غير الرئيس يؤدي إلى كثرته (ودفع التظالم واجب عقلاً) أي يحكم العقل بوجوبه (فوجب) على المسلمين (إقامة رئيس) لهم (لذلك) الذي ذكرناه من دفع التظالم.