(فصل): في ذكر شروط الإمام
  وأما قول المعتزلة: إن إمامة المفضول تصح إذا منع مانع من إمامة الأفضل - فهو باطل لأنه إذا ثبت أن الأفضلية شرط في الإمام فلا يصح إبطالها إلا بدليل، ولا دليل على ذلك كما لا يصح الإمام أن يكون فاسقاً ولا جاهلاً إجماعاً.
  وأيضاً فإن المانع لا يخلو إما أن يكون لعلةٍ تختص الإمام بأن تكون مانعة له عن النهوض بالأمر أو لعلة ترجع إلى اختيار الناس كنفور بعض الناس عن رجل مخصوص من حيث يكون في قلوب الناس منه وحشة عظيمة كما قالوه في أمير المؤمنين علي # من أن نكايته العظيمة في الكفار اقتضت نفور الناس عنه.
  فإن كانت العلة تختص الإمام فهي تخرجه عن استحقاق الإمامة وعن كونه أفضل الجماعة.
  وإن كانت راجعة إلى اختيار الناس فإنه لا يصح؛ لأن ما يجري هذا المجرى من الأسباب المنفرة لا يعتبر زوالها في باب الإمامة، ولا تأثير لها في المنع.
  وأكثر المعتزلة قد نصوا على ذلك وفَصَلوا بين النبوة والإمامة في هذا الباب، ألا ترى أنهم قالوا: إن ارتكاب أبي بكر وعمر وعثمان ما ارتكبوه قبل الإسلام من عبادة الأصنام وسائر أنواع الكفر لا تمنع من إمامتهم وإن كانت هذه الأحوال إذا حصلت في الإنسان منعت من نبوءته؛ لأن الأئمة لا يجب أن يجتنبوا من الأحوال المنفرة ما يجتنب الأنبياء، وإذا كان هذا هكذا صح ما أشاروا إليه من أن المنع في هذا الباب لا يجوز أن يكون منعاً في الإمامة ولا عذراً في العدول عن الأفضل إلى المفضول.
  وبعدُ، فإن العلة التي أشاروا إليها في العدول عن أمير المؤمنين مع كونه أفضل إذا لم تكن مانعة من تولية رسول الله ÷ الولايات التي خصه بها ومن تأميره على الجيوش التي أمر عليها ولا كانت مانعة من توليه نبذ العهد إلى المشركين ونزول الوحي بعزل أبي بكر فهي بأن لا تكون مانعة للأمة من عقد