(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  سألك فقال: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}[القصص: ٣٥]، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أخي اشدد به أزري»، قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله ÷ الكلام حتى هبط عليه جبريل من عند الله وقال: «يا محمد هنيئاً ما وهب الله لك من أخيك، قال: وما ذاك يا جبريل؟ قال: أمر الله أمتك بموالاته إلى يوم القيامة وأنزل عليك قرآناً: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}[المائدة] ثم ذكر الحاكم روايات أخر في هذا المعنى إلى أن قال: قال أبو مؤمن: لا خلاف بين المفسرين أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين #.
  قلت: وقد تردد بعض متأخري أهل البيت $ في كون هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين ولعله وَهَمَ ببعض ما وقف عليه من روايات أهل النصب والجحود لفضائل أمير المؤمنين وذريته الطاهرين $، وجعل دلالة هذه الآية على إمامته # ظنية واعتمد في إمامته # على غيرها من الأدلة التي سيأتي ذكرها.
  وقد علمت بحمد الله بطلان هذا الوهم بما ذكرنا من صحة التواتر وبدون ما ذكره الحاكم من الروايات يحصل التواتر والله أعلم.
  وفي قوله ÷: «علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره ومخذول من خذله» أكبر دلالة على إمامته #؛ لأن القائد إنما هو الإمام الذي يؤتم به.
  وكذلك قاتل الكفرة إنما ينسب في العرف إلى رئيس القوم فيقال: قتل السلطان عدوه وإن كان المباشر لقتلهم غيره؛ لأنه السبب وكذلك الحث على نصرته والتحذير من خذلانه إنما يكون في حق الرئيس.