شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 109 - الجزء 3

  أخاف أن تقول قريش: ما أسرع ما خذل ابن عمه ورغب بنفسه عن نفسه.

  فقال ÷: «أنا مجيبك في جميع ما ذكرت، أما ما ترجو من السهم فإنه قد أتانا بهار من فلفل فبعه واستنفقه حتى يرزقك الله من فضله، وأما رغبتك في الأجر في المخمصة والنصب في سبيل الله فما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأما قولك إن قريشاً تقول ما أسرع ما خذل ابن عمه فقد قالوا أشد من هذا قالوا إني ساحر وإني كذاب فما ضرني ذلك شيئاً».

  (وبيان الاستدلال به) أي بهذا الخبر الذي هو: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ... إلى آخره (أنه ÷ أثبت له) أي لعلي # (جميع ما لهارون) من المنازل الشريفة التي رتبت له (من موسى) أي: بالإضافة إلى منازل موسى الشريفة ولفظ «من» هنا لابتداء الغاية، (إلا النبوة) فإنه استثناها بقوله: «إلا أنه لا نبي بعدي» وذلك أن منزلة تقتضي الاستغراق بدليل الاستثناء.

  قال أبو طالب #: والعادة جارية باستعمال مثل هذا الخطاب وإن كان المراد المنازل الكثيرة ألا ترى أنهم يقولون: منزلة فلان من الأمير كمنزلة فلان وإن أشاروا إلى أحوال مختلفة ومنازل كثيرة ولا يكادون يقولون: منازل فلان من الأمير كمنازل فلان. انتهى.

  (و) إذا ثبت ذلك فإنه (لو علم) ÷ (شيئاً) مما هو لهارون من المنازل والصفات الشريفة من موسى (لم يكن له) أي لعلي # (لأخرجه) بالاستثناء كما أخرج النبوة (و) المعلوم أن (من جملة ما لهارون من موسى الخلافة) أي خلافة هارون لموسى في غيبته في القيام بأمر أمته (بدليل قوله تعالى): {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}⁣[الأعراف: ١٤٢])، أي كن خليفتي فيهم في غيبتي.