(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} (لم تمنع إلا من الخروج معه ÷ لا من الدعاء) أي لا من دعائه ÷ لهم إلى الخروج مع غيره وهذا الكلام إنما هو على ما ذكرناه آنفاً وهو (إن سلمنا) لهم (أن المعني بقوله) تعالى: ({سَتُدْعَوْنَ ...}) الآية (هو المعني بقوله) تعالى: ({لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا ...}) الآية وهو باطل لما سنذكره الآن إن شاء الله تعالى، بل الحق أن المعني بقوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ ...} الآية الذين تخلفوا عن النبي ÷ في غزوة الحديبية وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم والدئل وذلك أنه ÷ حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت وأحرم هو ÷ وساق معه الهدي ليعلم أنه لا يريد حرباً فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فيقاتلهم؟! وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة واعتلوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم. هكذا ذكره في الكشاف وفي غيره من التفاسير وهو الحق لأن هذه السورة أعني سورة الفتح كلها نزلت على النبي ÷ وهو بموضع بين مكة والمدينة مرجعه من الحديبية تسلية للنبي ÷ لما وقع مع أصحابه من الغم من عدم دخول مكة.
  قال الواحدي في كتاب أسباب النزول: أخبرنا محمد بن إبراهيم الداركي بإسناد رفعه إلى المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها.
  قال: وأخبرنا منصور بن أبي منصور الساماني بإسناد رفعه إلى أنس قال: لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله ø: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ١}[الفتح]، فقال رسول الله