(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  ÷: «لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا كلها» انتهى كلام الواحدي، ولا خلاف في أن سورة الفتح نزلت مرجع النبي ÷ من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست وهي كلها في ذكر غزوة الحديبية، وما كان من أهلها وما وعدهم الله به من الغنائم والظفر، وما كان بسبب الهدنة والصلح من الفتح العظيم والمصلحة الكبرى من إسلام كثير من الناس واختلاطهم بالمسلمين وتقوي الإسلام.
  وحينئذ فالداعي لهؤلاء المخلفين النبي ÷ إما إلى الخروج مع أسامة حين أمره بغزو الشام كما ذكرناه من قبل (أو من قبل) ذلك الوقت وذلك دعوته ÷ لهم (إلى) قتال (غطفان وهوازن يوم حنين كما هو مذهب بعض المفسرين؛ لأن قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ ... الآية}[الفتح: ١٦] نص في أن المراد بها متخلفو الأعراب فقط) دون متخلفي المدينة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك الذين ذكرهم الله سبحانه في سورة براءة وحقق أمرهم وتاب على بعضهم وأرجى بعضهم.
  (ولم يمنع قوله تعالى): {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا ...}) الآية من الخروج معه ÷ (إلا طائفة يرجع ÷) من غزوة تبوك (إليهم) لقوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ ...} الآية [التوبة: ٨٣] (وهم متخلفو أهل المدينة) من المنافقين وغيرهم؛ (لأن رجوعه ÷) من غزوة تبوك (كان إلى المدينة لا إلى الأعراب) فصح أن المراد بقوله تعالى: {سَتُدْعَوْنَ ...} الآية متخلفو الأعراب الذين تخلفوا عن الحديبية كما ذكرنا لا من تخلف عن غزوة تبوك.
  وأيضاً كيف يصح أن يكون المراد بآية الفتح آية براءة وقد علم أن آية الفتح نزلت قبل آية براءة بزمان طويل كما ذكرنا من تاريخ الغزوتين، والمعلوم عند الناس كافة أن آيات براءة التي ذكر فيها المخلفون إنما هي فيمن تخلف عن غزوة