شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 137 - الجزء 1

  بإدراك الحسن والقبح (باعتبار) رابع وهو (كونه) أي: الشيء (متعلَّقاً للمدح عاجلاً) أي: في الدنيا (والثواب آجلاً) أي: في الآخرة في الحسن. (والذم عاجلاً والعقاب آجلاً) أي: كونه متعلقاً للذم لفاعله في الدنيا والعقاب له في الآخرة في القبح.

  وقال (جمهور الأشعرية: لا مجال للعقل في الأخيرين) أي: في الاعتبار الثالث والرابع فلا يدرك العقل فيهما لا حسناً ولا قبحاً (ووافقهم) أي: وافق جمهور الأشعرية (أقلهم) أي: أقل الأشعرية (و) كذلك أيضاً وافقهم (الحنفية والحنابلة في آخرهما) أي: آخر الاعتبارين المختلف فيهما وهو الاعتبار الرابع أي: ما كان متعلقاً للثواب آجلاً والعقاب آجلاً، فقالوا كلهم فيه: إن العقل لا يدرك فيه حسناً ولا قبحاً.

  قال (أئمتنا $ والمعتزلة وغيرهم: و) يستقل العقل بإدراك حسن الشيء (باعتبار) خامس وهو (كونه) أي: الشيء (غير متعلق لأي الأربعة) أي: لا كان ملائماً للطبع ولا منافراً له ولا كان صفة كمال ولا نقص، ولا كان متعلقاً للمدح والذم عاجلاً والثواب والعقاب عاجلاً، ولا كان متعلقاً للمدح عاجلاً والثواب آجلاً، والذم عاجلاً والعقاب آجلاً، (وهو) أي: غير المتعلق لأي هذه الأربعة (من الحسن) أي: مما يحكم العقل بحسنه وذلك كالتمشي في الأرض ونحو ذلك من الأشياء المباحة التي لا يتعلق بها مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب وإنما حكم العقل بحسنه لعدم وجه القبح الذي يصير به الفعل قبيحاً كما سيأتي إن شاء الله تعالى ولا واسطة بين الحسن والقبيح، وقال بعض البغدادية وغيرهم: بل هو من القبيح لأن الأصل في مطلق الأفعال عندهم الحظر، وسيأتي ذكر ذلك في كتاب العدل إن شاء الله تعالى.

  (خلافاً للأشعرية) فإنهم قالوا: لا يدرك العقل فيه أيضاً حسْناً ولا قبحاً، وإذا نفوا حكم إدراك العقل فيما كان متعلقاً للمدح والذم والثواب والعقاب،