(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  الأمر إلا وأنت تقول: «والله ما زلتُ مظلوماً منذ قبض الله نبيه #» فما منعك أن تضرب بسيفك دون ظلامتك؟
  قال: «يا أشعث منعني من ذلك ما منع هارون إذ قال لموسى: {يَاابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ٩٤}[طه]، وكان قول موسى لهارون: «إن ظل قومي واتبعوا غيرك فجاهدهم ونابذهم فإن لم تجد أعواناً فاكفف يدك واحقن دمك» فكففت يدي وحقنت دمي أن يقول لي أخي: ألم أقل لك إنك إن لم تجد أعواناً فاكفف يدك واحقن دمك، ولو أمرني بمجاهدتهم وحدي لجاهدتهم وحدي».
  وقد روى أهل العلم من غير جهة أن هارون كان في ستمائة ألف فأخبر الله بعذره في كتابه إذ يقول: يا {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي}[الأعراف: ١٥٠].
  قال: فإن قالت الخوارج: وكيف يخاف علي أن يقتله أبو بكر أو غيره من المهاجرين والأنصار وقد زعمتم أن رسول الله ÷ أخبره أن عبدالرحمن بن ملجم يقتله فزعمتم أن علياً كان يقول إذا نظر إليه في عسكره أو جاء لأخذ عطائه:
  أريد حباءَه(١) ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
  أما والله ليخضبن هذه من هذا وأشار إلى لحيته ورأسه، فلما كان في الليلة التي زعمتم أن رسول الله ÷ أخبره أنه يقتله فيها بات ليلته يصلي إلى أن كان عند طلوع الفجر ¥ وهو في ذلك يختلف ويتمثل ويقول رحمة الله عليه ومغفرته ورضوانه:
  اشدد حيازيمك للموت ... فإن الموت لاقيك
(١) كذا في الأصل. وفي الكامل المنير: حياته.