(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  ولا تجزع من الموت ... إذا حل بواديك
  قالت له ابنته أم كلثوم: يا أبه لطال سهرك ليلتك هذه وتمثلك بهذا البيت؟ فقال لها ¥: «يا بنيه هذه آخر ليلة من الدنيا وأول ليلة من الآخرة» فخرج عند طلوع الفجر فلقيه ابن ملجم عليه لعنة الله وسخطه فقتله.
  فقل للخوارج: اليس قول النبي # لعلي: «اكفف يدك واحقن دمك» بحجة على علي ولا يوقع عليه القتل إذا كان علي قد علم أن ابن ملجم يقتله فقد كان علم النبي # أن المشركين لا يقتلونه لأن الله تبارك وتعالى قد أخبره في قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر]، ولم يقل: إنك مقتول، وقد حذره الله القتل فأمره بالهرب إلى الغار.
  فقل للخوارج: لم جوزتم لرسول الله الإمساك عن المشركين فلم يقاتلهم وقد علم أنهم لا يقتلونه ولم تُجوزوا لعلي الإمساك عن أبي بكر وقد علم أنه لا يقتله؟
  فإن قالوا: إن الله أمره بذلك، فقل: وإن رسول الله أمر علياً بذلك مع أن الله ø يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، فأي شيء أحسن عند الله ممن اقتدى برسوله وتبع سنته. انتهى.
  قلت: وفي نهج البلاغة ما يخالف ما ذكر في شأن ابن ملجم وعلم علي # بأنه يقتله في الليلة المذكورة حيث قال علي # قبل موته: «أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ والْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إليه، وَالْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ الْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ وعلمٌ مكنون».
  وأما أخذ نصيبه من الفيء فقال في الكامل المنير ما لفظه: قد كان لعلي في العطاء سهمان سهم في القرابة وسهم في الهجرة ولسائر الخلق لأبي بكر فمن دونه لكلٍ سهم لا غير، فإن دفع أبو بكر حقاً هو له فليس لأبي بكر في ذلك الحجة على علي في أخذه حقاً هو له بل الحجة لعلي والمنة في ذلك على أبي بكر إذ