شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام

صفحة 275 - الجزء 3

  فقال له علي: حاكمني إلى شريح، فتحاكما إليه، فقال شريح: من كان بيده شيء فهو أحق به حتى يقيم المدعي البينة، شاهديك يا أمير المؤمنين، فضحك أمير المؤمنين وقال: «والله لو قلت غيرها ما حكمت بين اثنين» فلما استحق درعه وهبها للذي وجدها معه بعد الاستحقاق.

  والناس على ذلك إلى يومنا هذا لا تقبل شهادة الرجل لنفسه ولا يحكم لأحد على أحد في دعوى يدعيها عليه إلا بشاهدين عدلين غير فاطمة & فإنه حكم [عليها بخلاف ما حكم]⁣(⁣١) به على جميع الخلق وانتزع ما كان بيدها تحوزه من ميراث أبيها وما لها من فدك المعروف بها ولها بلا شهود إلا بما ادعى أبو بكر لنفسه وللمسلمين من الصدقة عليهم بأموال رسول الله ÷.

  ولو أن سلطاناً من سلاطين الجور في وقتنا هذا ادعى مالاً لنفسه ولأصحابه ثم قال: أنا أشهد لنفسي ولأصحابي إذ لم أجد شاهداً غيري وأنا أحكم لنفسي ولهم إذ لم أجد حكماً غيري وأنا أقبض هذا المال لي ولهم ممن يحوزه وممن هو تحت يده ثم سمع بهذا مجنون لا يعقل أو صبي لا يفقه العلم لعلم أنه أظلم الظلم وأجور الجور.

  فكيف يجوز هذا بين من ينتحل المعرفة والدين، أفترى أنهم جهلوا ما في هذا من المنكر والفضيحة؟

  لا ما جهلوا ذلك ولكنهم أعرضوا عما علموا بغضاً لله ولرسوله ولأهل بيته وتحاملاً عليهم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ٢٢٧}⁣[الشعراء].

  ثم إن أبا بكر عدا على هذا المال أخذه من أيدي أصحابه بما ذكر فوقفه على نفسه وولده وولد ولده وعلى أصحابه وأولادهم وأولاد أولادهم إلى يوم الساعة وترك أهله جياعاً ضارعين يتداول ذلك الظالمون ظالم بعد ظالم عليهم


(١) ما بين المعقوفين مفقود في الأصل، وثابت في كتاب الإمام الهادي #.