(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  فما ينفعك الما ... ل إذا أدليت في القبر
  وعلي # في المدينة لم يقتله ولم ينصره فوقوفه عن نصرته يدل على أنه لما يبايعه؛ لأنه # كان يقرأ هذه الآية: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}[الأنفال: ٧٢].
  ثم إن عمر بن الخطاب قتله أبو لؤلؤة فلم يطلب علي # بدمه كما طلب بدم الهرمزان الفارسي حتى هرب منه قاتله وهو عبيدالله بن عمر إلى معاوية فلم يزل علي يطلبه حتى قتله بصفين في عسكر معاوية.
  ثم أنت تعلم أن الأمة مجمعة على قول النبي ÷: «إن الله يغضب لغضب فاطمة» وأنها ماتت وهي غضبانة على أبي بكر وعلى من عاونه على قطع ميراثها وانتزاع فدك من يدها فليس يشك في ذلك أحد من أمة محمد #. انتهى.
  قال #: (والحق أنهم) أي: المتقدمين عليه # (إن لم يعلموا استحقاقه #) للإمامة (دونهم) أي لا هم فلا حق لهم فيها (بعد التحري) منهم في طلب الأدلة الموصلة إلى الإمامة فلم يجدوها موصلة لهم إلى إمامة علي # دونهم، وهيهات أن يخفى عليهم ذلك وقد أمر الله سبحانه رسوله أن يبين لأمته أمرهم وينصب لهم وليهم وإمامهم ومن يقتدون به من بعده ÷ في هديهم ويحفظ شريعتهم ويقيم ملتهم ويجاهد عدوهم وينصف مظلومهم من ظالمهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
  وقد علم أن نبينا محمداً ÷ خاتم النبيئين فلا بد لله تعالى من حجة بعده على الخلق أجمعين إلى يوم الدين ولا يجوز في حكم العقل أن يكون هذا الإمام الذي هو الحجة ويحتاج إليه المسلمون مجهولاً لم يبينه الله تعالى بصفته وموضعه ولا أن يكون الاختيار إليهم في نصبه وإقامته؛ لأنهم لا يعلمون موضع الخيرة والصلاح، قال الله سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ