(فصل): في حكم الطريق إلى الإمام
  الْخِيَرَةُ}[القصص: ٦٨]، وقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ}[الأنعام: ١٢٤]، والإمامة تابعة للنبوة.
  وأيضاً لو كانت الإمامة بالاختيار من الناس لوقع الفساد والتشاجر لأنه يكاد يستحيل أن يجتمع الناس على اختيار رجل واحد، وإن فرضنا صحة ذلك فما يتهيأ اجتماعهم عليه إلا بعد مدة ومراجعة طويلة يحصل فيما بينها تشاجر وفساد كبير، فثبت أن موضع الإمامة لا يكون إلا باختيار الله سبحانه وإذا كان كذلك فلا بد أن يبلغه النبي ÷ أمته ويعلمهم به إعلاماً لا يلتبس عليهم؛ لأن الإمامة أصل من أصول الدين كبير فإذا لم يبلغ النبي ÷ هذا الأصل تبليغاً جلياً واضحاً لا يلتبس على سامعيه لم يكن ÷ مبلغاً لكل ما أُمِر بتبليغه وحاشاه ÷ من ذلك فحينئذ يبعد بل يستحيل أن يكون السامعون للنصوص الواردة في علي # والحسنين $ وأولادهم الصالحين $ لم يفهموا معناها وقد تقرر كما ذكر في أول الكتاب أن كل من ادعى شيئاً مما يعم وجوبه جميع المكلفين علماً وعملاً بغير دليل معلوم أنه يعلم بطلان قوله للقطع ببطلان الدليل وما ذاك إلا أنه يجب أن يكون دليل ما شأنه كذلك معلوماً لجميع المكلفين ولهذا قال ÷: «من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية».
  وإنما سلك # بقوله: «والحق أنهم إن جهلوا ... إلى آخره» طريقة الإنصاف وإن كان قد علم حقيقة الأمر في ذلك.
  فإذا كان الأمر على ما ذكر # من جهلهم استحقاقه # دونهم (فلا إثم عليهم، وإن أخطأوا) أي وإن كان فعلهم خطأً ومعصية لعدم تعمدهم للعصيان لله سبحانه وتعالى (لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ) وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥]، (ولم يفصل) تعالى بين خطأ وخطأ، (وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» ولم يفصل).