شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]

صفحة 334 - الجزء 3

[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]

  فصل: ينبغي أن نذكر فيه حكم الناكثين والقاسطين والمارقين والمتوقفين عن القتال مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # لأنه قد وقع الاختلاف في حكمهم كما سنذكره إن شاء الله ومعرفة حكمهم متوقفة على معرفة ما كان منهم من الحوادث.

  اعلم أنه لما هُضِم أمير المؤمنين # بعد موت النبي ÷ وحُقِّر أمره واستخف بشأنه وجهلت منزلته ودرجته وكونه وصي رسول الله ÷ في أمته وعنده علم ما تحتاج إليه الأمة في أمر دينها وما خصه به رسول الله من العلم المكنون الذي قد ذكرنا الإشارة إليه من رواية أهل البيت $ وغير ذلك مما لا يقوى عليه غيره ولا يصلح له إلا هو # أو تجوهل عن ذلك اعتزل # في بيته واشتغل بخاصة نفسه وأمر دينه وترك الناس على دنياهم يتكالبون فلما قتل عثمان لم يجد الناس غيره فأقبلوا إليه من كل جانب كما قال # في النهج: «دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَلَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ وَإِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ».

  وقوله #: «وَ بَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا وَمَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ عَلَى حِيَاضِهَا حَتَّى انْقَطَعَ النَّعْلُ وَسَقَطَ الرِّدَاءُ وَوُطِئَ الضَّعِيفُ» وغير ذلك من كلامه #.

  وقد تواتر عن رسول الله ÷ أنه قال لعلي #: «إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»⁣(⁣١) من ذلك ما قد ذكرناه، ومنه ما لم نذكره لكثرته.


(١) رواه الإمام الاعظم زيد بن علي (ع) في مجموعه عن آبائه (ع) عن علي (ع) بلفظ: (أمرني رسول الله ÷ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين الخ) ورواه الإمام الرضا (ع) في الصحيفة بسند آبائه (ع)، ورواه الإمام القاسم بن إبراهيم (ع) في مجموعه، ورواه الإمام أحمد بن سليمان (ع) في حقائق المعرفة عن ابن عباس، ورواه المؤيد بالله (ع) في إثبات النبوة، ورواه الإمام أبو طالب (ع) في =