شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 150 - الجزء 1

  إسقاطه بوجه، والفائدة خروج صاحبه من دائرة الكفران وتميزه بذلك فيعامل معاملة الشاكر لا الكافر لوجوب الفرق بين المعاملتين بضرورة العقل.

  وأما القياس على اللقمة فإنا نقول: قياسكم لنعم الله سبحانه التي لا تحصى على (اللقمة) الحقيرة قياس فاسد وذلك أن اللقمة التي تصدق بها الملك على المحتاج (حقيرة عندهما) أي: عند الملك والمحتاج (و) عند (السامع) لشكر تلك اللقمة (فيكون) المتحدث بشكرها (ساخراً) لعلم العقلاء أن الأولى بالملك أن يتصدق بأكثر منها، وما حمله على ذلك إلا شدة البخل.

  (بخلاف نعم الله تعالى) التي أنعم بها على المخلوقين (فإنها وإن كانت حقيرة عند الله [تعالى]) كما ذكرتم (لسعة ملكه) ولغناه (سبحانه) عنها، (فهي جليلة) أي: عظيمة كبيرة⁣(⁣١) (عند الشاكر والسامع) لشكر تلك النعم من سائر المخلوقين، (فالمتحدث بالشكر عليها) من العباد (لا يعد ساخراً) كما زعمتم بل شاكراً مؤدياً لما يجب عليه من شكر المنعم متعرضاً للزيادة من الله سبحانه كما قال ø: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ٧}⁣[إبراهيم]، بعيداً عن الكفر الذي هو جحد النعمة وغمصها الذي يستقبحه العقلاء كافة، قال الشاعر⁣(⁣٢):

  نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعم

  وإنما قياس ذلك وإن كان لا قياس لنعم الله سبحانه؛ إذ لا تحصى ولا أجل منها (كمن أعطاه ملك قد ملك الأرض وجبالاً من الذهب) أي: ذهباً كثيراً


(١) في (ب): كثيرة.

(٢) ذكر البيت في دواوين الشعر وغيره لعنترة بن شداد. انتهى. وهو كما في الأعلام للزركلي عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية ابن قراد العبسي: أشهر فرسان العرب في الجاهلية، ومن شعراء الطبقة الأولى، من أهل نجد. أمه حبشية اسمها زبيبة. عاش طويلاً، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي. (باختصار).