[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  فوجد القوم قد تجردوا وتأهبوا للقتال واستقبلوه بصدور الرماح، فوجه إليهم علي # عبدالله بن عباس فرجع إليه من الخوارج أكثر من أربعة آلاف وثبت الباقون على قتاله.
  فقال لهم علي #: أيكم قتل خباب بن الأرت وزوجته وابنه حتى أقتله بهم وأنصرف؟
  فنادوا: اللهم كلنا قتل خباباً وزوجته وابنه.
  فناداهم أمير المؤمنين #: اظهروا إليّ كتائب وشافهوني بذلك فإني أكره أن يقر به بعضكم في الغوغاء ولا يقر بعض ولا أعرف ذلك في الغوغاء، ولكم الأمان إلى أن ترجعوا إلى مراكزكم.
  ففعلوا وجعلوا كلما جاءه كتيبة سألهم عن ذلك فإذا أقروا عزلهم ذات اليمين حتى أتى على آخرهم ثم قال: ارجعوا إلى مراكزكم.
  فلما رجعوا ناداهم ثلاث مرات: رجعتم كما كنتم قبل الأمان من صفوفكم فنادوا كلهم: نعم.
  فالتفت إلى الناس وقال: الله أكبر لو أقر بقتلهم أهل الدنيا لقتلتهم، ثم شد عليهم مرة بعد مرة يرجع بسيفه يسويه على ركبته ثم شد الناس عليهم فقتلوهم فلم ينج منهم تمام عشرة.
  ثم قال علي #: ائتوني بذي الثدية فإنه في القوم.
  فقلب الناس القتلى فلم يقدروا عليه، فأخبر بذلك، فقال: الله أكبر والله ما كذبت ولا كُذِبت وإنه لفي القوم.
  ثم قال: ائتوني بالبغلة فإنها هادية فركبها ثم انطلق حتى وقف على قليب ثم قال اقلبوا فقلبوا سبعة من القتلى فوجدوه ثامنهم، فقال: الله أكبر هذا ذو الثدية الذي أخبرني به رسول الله ÷ إنه يقتل مع شرّجيلٍ.
  وكان ذو الثدية له يد مثل حلمة الثدي عليها شعرات فإذا مدت كانت