[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  فقال ~: «يأتون من بعدنا فيرضون بفعلنا فيكونون منا، أو يسخطون فعلنا فيكونون من عدونا» انتهى.
  ويؤكد ذلك قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩١}[البقرة]، فأمر الله سبحانه نبيئه ÷ أن يقول لهم: فلم تقتلون أنبياء الله وهم فلم يقتلوا الأنبياء وإنما رضوا بفعل آبائهم فصاروا بذلك شركاؤهم كذا ذكره المرتضى #.
  وأما قوله: ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين ¥ أو رضي به فينبغي أن يعلم به غاية حماقة فإن من قتل من الأكابر والوزراء والسلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر وإن كان قد قتل في جواره وزمانه وهو يشاهده فكيف لو كان في بلد بعيد وفي زمن بعيد قد انقضى فكيف يعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد ... إلى آخر كلامه في هذا المعنى.
  والجواب والله الموفق: أنا قد بينا أن يزيد أمر بقتل الحسين # ورضي به وتبجح بذلك بالأخبار المتواترة لفظاً ومعنى، المفيدة للعلم قطعاً ومن أنكر ذلك فلا شك في عناده وحماقته لأن العلم له طرق من جملتها التواتر فكما علمنا أنه قام بالأمر بعد أبيه وأن أباه أمر بالمبايعة له في حياته علمنا أنه رضي بقتل الحسين # وأحبه وأمر به والمنكر لذلك مباهت ولو كان طول الزمان يمنع من حصول العلم لما علمت دعوة النبي ÷ وغيرها مما قد علم ضرورة بالتواتر.
  وأما قوله: ومع هذا أنه لو ثبت علم مسلم أنه قتل مسلماً فمذهب الحق أنه ليس بكافر والقتل ليس بكفر وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة والكافر لو تاب من كفره لم يجز لعنه فكيف من تاب عن قتل؟ وبم يعرف أن قاتل الحسين ¥ مات قبل التوبة ... إلى آخر كلامه.