[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  فالجواب والله الموفق: أنا قد بينا أن يزيد قد صح كفره وأمره بقتل الحسين # ومحبته له ورضاه به، فوجبت البراءة منه، ثم نقول: إن اللعن لا يختص الكافر بل يشاركه القاتل وجميع أهل الكبائر لأنهم كلهم من أهل النار قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}[النساء].
  وقد ثبت وجوب الموالاة والمعاداة من دين النبي ÷ ضرورة على كل مكلف فمن أنكرهما كفر؛ لأنه رد لقول الله سبحانه وتعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ...} الآية [المجادلة: ٢٢]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ...} الآية [الممتحنة: ١].
  ولأن العقل يحكم بوجوب الموالاة والمعاداة كما أشار إلى ذلك من قال:
  إذا صافى صديقك من تعادي ... فقد عاداك وانصرم الكلام
  وقال علي #: «أعداؤك ثلاثة: عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك».
  قال السيد حميدان # في مجموعه: ولا خلاف في وجوب الولاء والبراء لأن أهل كل مذهب يوجبونهما على أتباعهم ويزعمون أنهم هم الفرقة الناجية.
  وإذا ثبت وجوب الموالاة للمؤمنين والمعاداة للكفار وأهل الكبائر علمنا أن ذلك تكليفاً بحسب ما يظهر لنا من أعمال المكلفين ولا تكليف علينا فيما لم نعلمه لأنه يكون تكليفاً لما لا يطاق والله جل وعلا يتعالى عنه.
  وأما قوله: ومن أين عرفت أنه مطرود والملعون هو المبعد عن الله ø وذلك غيب لا يعرف إلا فيمن مات كافراً ... إلى آخر كلامه؟
  فالجواب والله الموفق: أنا علمنا أن الكافر وأهل الكبائر مطرودون عن رحمة الله ø بإخبار الله سبحانه لنا الذي لا يبدل القول لديه وما هو بظلام