شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]

صفحة 383 - الجزء 3

  للعبيد وذلك بما ظهر لنا من أفعالهم كما ذكرناه ولو كان كما زعمه الغزالي أنه لا طريق إلى معرفة ذلك إلا فيمن مات كافراً لما وجبت الموالاة والمعاداة أصلاً لأنه يجوز فيمن مات من الكفار أن يكون تاب قبل موته فلا يجوز حينئذ لعنه ولا البراءة منه وحينئذ لا فرق بين الأحياء والأموات من الكفار فإذا كان يمتنع لعن الأحياء لتجويز التوبة فكذلك من مات من الكفار يجوز أنه قد تاب ولم يبلغنا علم توبته فيمتنع لعنه والبراءة منه وذلك رد لصرائح آيات الموالاة والمعاداة وهو كفر.

  وأما ما أشار إليه من أن أهل الكبائر وإن ماتوا على ذلك فلا يجوز لعنهم ولا التبرؤ منهم فذلك مبني على الإرجاء وأن أهل الكبائر من أهل الجنة وذلك رد لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ...} الآية [النساء: ١٤]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ...} الآية [النساء: ٩٣]. وغيرهما.

  وأما قوله: ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع بل لو لم يلعن إبليس طول عمره لا يقال له في القيامة: لم لم تلعن إبليس ... إلى آخر كلامه؟

  فالجواب والله الموفق: أن هذا الكلام صادر عن غلط أو مغالطة؛ لأن الله سبحانه يسأل ابن آدم يوم القيامة عن موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه لأنها من أمهات فروض دينه لما ذكرناه من قبل وإلا فما معنى قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ٢٤}⁣[الصافات]، والمراد الموالاة والمعاداة بالقلب لا مجرد التلفظ باللسان فإنه لا معنى له إلا أن يتهم أحد بموالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وجب عليه إظهار ما انطوى عليه القلب بأن ينطق بالتبرؤ أو اللعن أو ما يؤدي مؤَدّاهما بلسانه في حق أعداء الله سبحانه وينطق بالمحبة والمودة لأولياء الله سبحانه ليزيل التهمة عن نفسه، ولنا ما ظهر وليس علينا ما خفي.

  وقوله: وكيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم تلبيس وتمويه لأن