[فصل في ذكر الناكثين والقاسطين والمارقين]
  بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩]، فوالله يا سعد ما كنت مع الباغية على العادلة ولا مع العادلة على الباغية ولا أصلحت كما أمرك الله.
  قال سعد: أو ما كفاك قعودي عنكما مع ما قد علمتُه من ظلمك إياه وطلبك ما ليس لك بحق.
  فقال له معاوية: أفلا كنت معه إذ علمت ذلك؟
  فقال له سعد: والله لقد تخلفت عنه وأنا أعلم أن الله سبحانه ساخط عليّ وأن رسول الله ÷ يناظرني عنه وأني أكون مع من يقدم على رسول ÷ وهو ساخط عليهم، وأما أنت يا معاوية فلست والله ممن يناظر عنه ولا يخاطب لأن قريشاً طلبت ظلمه وادعت ذلك برسول الله ÷ وبقربها واحتجت بما لا ينفعها.
  وأما أنت فلا أدري بأي وجه وعلى أي طريق جلست في الخلافة وقد قال ÷: «علي مني بمنزلة هارون من موسى».
  فأطرق معاوية ساعة ثم قال له: فمن سمع هذا معك؟
  فقال له سعد: أم سلمة زوج النبي ÷.
  فقال له: يا سعد والله لو سمعتُه منه ما قاتلته.
  فقال له سعد: والله لقد سمعته أنا منه وإنك لتعلم أن ذلك حق ثم قال له سعد: وهبك يا معاوية لم تسمع هذا الخبر، ألم تعلم أنا وجميع أصحاب رسول الله ÷ قد بايعناه مرة بعد مرة بأمر رسول الله ÷، وقال لنا رسول الله ÷: «هذه بيعة نزل بها جبريل من عند الله ø»، فسكت معاوية.
  وروى أبو الفرج(١) في مقاتل الطالبيين بإسناده إلى أبي بكر بن حفص قال:
(١) العالمُ الموالي أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين الأموي المرواني، صاحب كتاب مقاتل الطالبيين الكبير والصغير، والأغاني، المتوفى عام ستة وخمسين وثلاثمائة، وهو ممن هداه الله تعالى =