شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التفضيل)

صفحة 436 - الجزء 3

  في محكم كتابه في قوله عز قائلاً: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨}⁣[الإنسان]، وصرح بإخلاص نيته # وأهل بيته تصريحاً بقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ٩}⁣[الإنسان]، وأخبر بخوفهم له بقوله: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ١٠}⁣[الإنسان]، ودل على عصمتهم $ وأنهم يلقونه على عهده ولا يقع منهم تفريط ولا تبديل لحكمه بقوله: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ١١ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢}⁣[الإنسان]، إلى آخر الآيات المقدسات.

  فذكر حب الطعام في أول القصة وذكر الصبر في آخرها أكبر برهان لأهل الأذهان على أن الضر قد كان بلغ فيهم نهايته، وآثر # إيثاراً لم يعلم من غيره وهذا غاية السخاء ولا نعلم خلافاً بين أهل البيت $ وأعيان أهل العلم أن المراد بالآيات علي بن أبي طالب وفاطمة وولداها وأنها نزلت في شأنهم، وقد دلت على الكرم وزادت العصمة والقطع على المغيَّب.

  وأما تدبير الأمر فكان # أعرف الناس بفرص الأعداء وعورات الثغور ووجوه المكائد وأوقات الغارات وطرق السرايا وترتيب الأمراء وحفظ الأطراف ونظم العساكر وكيف لا يكون كذلك وهو أبو هذا الشأن وابنه وخاله وعمه وهو عموده من لدن شبابه إلى لقاء ربه.

  وأما السبق إلى الإسلام فلا إشكال فيه أنه الأسبق وإنما قال بعضهم إنه # كان صغيراً وكان إسلامه إسلام إلف ومحبة وقد ذكرنا جوابه فيما تقدم.

  وأما وساطة المنصب فليس فيه منازع وله في ذلك مزية ولادة هاشم⁣(⁣١) بن


(١) هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، من قريش: أحد من انتهت إليهم السيادة في الجاهلية، ومن بنيه النبي [÷] قال مؤرخوه: اسمه عمرو، وغلب عليه لقبه «هاشم» لأنه أول من هشم الثريد لقومه بمكة في إحدى المجاعات. وهو أول من سن الرحلتين لقريش للتجارة، وهو الذي أخذ الحلف من قيصر لقريش على أن تأتي الشام وتعود منها آمنة. وكان =