شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في التفضيل)

صفحة 492 - الجزء 3

  أشعرت بأن نفسي قد نعيت إلي⁣(⁣١)» فبكت فاطمة عند ذلك حتى قطرت دموعها على خد رسول الله ÷ فرفع رأسه إليها ونظر فقال: «أما إنكم المستضعفون المقهورون بعدي فلا تبكنّ يا بنية فإني قد سألت ربي أن يجعلك أول من يلحق بي من أهل بيتي وأن يجعلك سيدة نساء أمتي ومعي في الجنة فأُجبتُ إلى ذلك»⁣(⁣٢) فتبسمت فاطمة عند ذلك، ونساء النبي ÷ ينظرن إليها حين بكت وحين تبسمت، فقال بعضهن: ما شأنك يا فاطمة تبكين مرة وتبتسمين مرة؟ فقال رسول الله ÷: «دعي⁣(⁣٣) ابنتي».

  وروى البخاري بإسناده إلى عائشة قالت كنا أزواج النبي ÷ عنده جميعاً فأقبلت فاطمة تمشي لا والله لا تخفى مشيتها من مشية رسول الله ÷ فلما رآها رحب فقال: «مرحباً بابنتي» ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاء شديداً، فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك.

  فقلت لها أنا من نسائه: خصك رسول الله ÷ بالسر من بيننا ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله ÷ سألتها عما سارك.

  قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله ÷ بسره فلما توفي قلت لها: عزمت


(١) رواه الإمام القاسم بن إبراهيم # في مجموعه في تفسير سورة النصر، وأبو العباس الحسني # في المصابيح روى القصة كاملة، وروى الحديث: «نعيت إلي نفسي ..» أحمد في مسنده عند نزول سورة النصر عن ابن عباس، وروى الحديث في سنن الدارمي في تفسير النصر، وروى بعده قوله ÷ لفاطمة &: «لا تبكي فإنك أول أهلي لاحق بي ... إلخ»، وروى هذا أيضاً الطبراني في الكبير والأوسط، وكذلك البيهقي في دلائل النبوة، وأبو نعيم في معرفة الصحابة، وابن سعد في الطبقات.

(٢) رواه أبو العباس الحسني (ع) في المصابيح من جملة خبر الوفاة. وأما قوله: «أول من يلحق بي من أهلي» فقد رواه المر شد بالله (ع) في الاثنينية عن أبي الزبير وعن عائشة عن فاطمة الزهراء ورواه عن الزهراء (ع) ابن عساكر في تاريخ دمشق.

(٣) في (ب): دعن ابنتي.