شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 54 - الجزء 4

  وفي قول الهادي #: وإنهم لا يشهدون على ذنب بعينه أنه صغير مغفور إلا أن يكون الله قد سمى من ذلك شيئاً دلالة على أن بعض العمد صغير والله أعلم.

  وأما قول القاسم بن علي العياني # فقال في جواب من سأله عن معنى قول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ...} الآية، وما معنى الكبائر؟

  فقال #: الجواب: اعلم أن كل ما نهى الله عنه كبيرة فمن أتاها عمداً استحق عذاب الله جل اسمه، وليس شيء من معاصي الله سبحانه صغيرة.

  فأما ما وعد الله سبحانه من تكفير السيئات فليس من البشر إلا من قد أساء سواية⁣(⁣١) أدناها الغفلة وافتقاد النفس من الزلة فإذا اجتنب العبد الكبائر غفر الله له فكفر عنه سيئاته المتقدمة. انتهى.

  ومما يدل على أن كل عمد كبيرة: ما روي عن أمير المؤمنين علي # في خطبته الغراء حيث قال: «فلم يكلفه ما لا يطيق، أنظره بالأمر، ومد له في العمر، ثم كلفه دون الجهد ووضع عنه ما دون العمد.

  وقال الحاكم في التهذيب: ومن مشائخنا من يقول: الصغير ما وقع سهواً أو نسياناً.

  وقال محمد بن القاسم بن إبراهيم $ في كتاب الأصول الثمانية: والصغائر فهو ما وقع على سبيل النسيان والخطأ كخطيئة آدم # وغيره من الأنبياء $ إلى قوله: فكل ما كان قبيحاً عقلاً أو سمعاً فمن أتاه عمداً قصداً له مع علمه بقبحه فقد أتى كبيرة، وما كان على سبيل الخطأ والنسيان في أول حال المرء ثم


(١) سيئة (ظ). (من هامش الأصل).