شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 57 - الجزء 4

  مستثنى من الوعيد بدخول جهنم وإن كان قد دخل في الوعيد من جهة العقاب لأنه قد وصل إليه عقاب عليها وهو إسقاط بعض ثوابه لأنها ما صارت صغائر مكفرة إلا بأجزاء الثواب الذي سقط في مقابلتها، قالوا: وتسمية ذلك عقاباً على سبيل التوسع والمجاز بدليل حصوله في حق الأنبياء $ وهم لا يستحقون عقاباً.

  قالوا: وذلك كالتائب فإنه مستثنى من الوعيد بدخول جهنم فالتقدير في الآيتين وما أشبههما: يدخله ناراً خالداً فيها إلا أن يتوب أو يكون له من الثواب ما يكفر عقابه.

  قلنا: قد سلمتم لنا عموم الوعيد على كل معصية فهات الدليل على أنه وعيد بنقصان الثواب لا بأليم العقاب إذ لا يفهم الوعيد إلا على ما يقتضي العقاب ولا يعقل العقاب إلا بالألم والعذاب، وأما التائب فقد أخرجه الله من الوعيد بآيات التوبة.

  وأيضاً فإن لنا دليلاً آخر على ما ذهبنا إليه (و) هو أن نقول قد ثبت أنه (لم يغفر سبحانه سيئة من غير توبة) عنها (إلا الخطأ والنسيان والمضطر إليه) من المحرمات فإنه قد علم أن الله سبحانه وتعالى يغفرها من دون توبة (لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٥}⁣[الأحزاب]، وقوله تعالى معلماً لعباده ومرشداً) لهم إلى الخير: ({رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ...}) الآية [البقرة: ٢٨٦]، وهذا في الخطأ والنسيان.

  (و) أما المضطر إليه فلما ثبت من أنه (استثنى تعالى المضطر) حين عدد المحرمات بقوله ø: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣}⁣[المائدة]، وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ