شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 58 - الجزء 4

  إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩]، وهذه أدلة الكتاب على غفران الخطأ والنسيان والمضطر إليه.

  (و) الدليل عليه من السنة (قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» ... الخبر) تمامه: «وما استكرهوا عليه».

  وأما ما يحكى عن النظام من أن الخطأ والنسيان غير معفوين عن الأنبياء $ لعظم درجاتهم وكونهم مأمورين بالتحفظ والتحرز من السهو بخلاف غيرهم فقول باطل لمصادمته الأدلة.

  وإذا ثبت ما ذكرناه من أنه لم يغفر من الذنب بغير توبة إلا الخطأ والنسيان والمضطر إليه ثبت أن غير المغفور كبيرة وهذا معنى قوله #: (فعلمنا بذلك أن الكبير ما وقع عمداً من غير اضطرار).

  فإن قالوا: بل قد ثبت أن الله تعالى يغفر بعض الذنوب المتعمدة بغير توبة ولكن في جنب الحسنات كما سبق ذكره عنهم لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}⁣[هود: ١١٤]، وقوله ø: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١]، وغير ذلك.

  والجواب والله الموفق: أن هذا احتجاج بمحل النزاع، فإن قالوا: لو كان المراد بالخطأ والنسيان في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا ...} الآية لما كان للشرط فائدة لأن الخطأ والنسيان معفوان على كل حال، وكذلك قوله ÷: «من وعك ..» الخبر.

  قلت: قال الإمام #: المراد في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} - تكفير السيئات بالتوبة حيث اجتنب ما