شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 59 - الجزء 4

  عداها⁣(⁣١) مما يجازى عليه المكلف.

  وأما إذا تاب من السيئات الكثيرة مع عدم تجنبه لشيء من الكبائر فإن الله لا يقبل توبته بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧}⁣[المائدة]، والمراد بقوله ÷: «من وُعك ليلة كفر الله عنه ذنوب سنة» ونحوه من الأخبار كونه سبباً للألطاف الداعية إلى التوبة إذا وقع الصبر والرضا بقضاء الله تعالى لأنهما من الأعمال وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}⁣[الشورى: ٢٣]، ودواعي التوبة لا شك أنها من ألطاف الله تعالى. انتهى.

  وقال # أيضاً في جواب من سأله: اعلم أن الخطأ يطلق على ضد العمد وهو المقصود هنا وعلى الخطيئة التي هي السيئة من عمد وخطأ ومن الخطأ ما يقع هفوةً كأن يقع من غير احتراس من الوقوع فيه كما في الحديث: «من يرع حول الحمى يوشك أن يقع فيه».

  والخطأ الذي هو ضد العمد سيئة ولهذا قال تعالى حاكياً: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، فعفا سبحانه عن بعض ما كان كذلك وخرج من العموم قتل الخطأ فإنه أوجب فيه سبحانه الدية وكفارة القتل وخرج الجنايات خطأ في دماء المسلمين ومن له عهد وفي أموالهم فإنها تجب فيها الأروش والغرامات.

  فإذا أخل المخطئ بما أوجب الله عليه في ذلك استحق العقاب وكذلك إذا وقع منه خطيئة وشرح بها صدراً واطمأن بما فعل كان بذلك من العاصين وإذا لم يشرح بها صدراً ولا قبَّحها في نفسه بحيث لم يعترف أنها خطيئة فلا يبعد أن الله سبحانه يسأله عن ذلك، وكذلك إذا لم يتحرز ويتجنب الحوم حول الحمى غير


(١) أي: ما عدا السيئات التي تاب منها، أي: تكون توبته عامة من كل معصية. تمت (من هامش الأصل).