شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)

صفحة 173 - الجزء 1

  هو العلم بالثواب والعقاب ولكنه لا يتم إلا بعد معرفة الله تعالى فهي وصلة إلى ما هو لطف.

  والجواب والله الموفق: أنا نقول: لو كانت لطفاً أو جارية مجراه كما زعمتم لما وجبت إذ لا يجب اللطف كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  وأيضاً ليس لتحصيل اللطف من جهة المكلف أن يفعله لنفسه وجه في الوجوب وإنما الواجب عليه القيام بما كلف به من غير واسطة أمر يكون ذلك الأمر مسهلاً له فعل الواجب؛ لأنه ليس مقصوداً في نفسه فيلزمكم أن لا تكون معرفة الله تعالى واجبة لأنها ليست مقصودة في نفسها، وإنما هي مسهلة لما هو الواجب الحقيقي.

  فإن قالوا: إنه لا يتم القيام بالتكليف إلا بعد معرفة المكلِّف.

  قلنا: ليس بمستحيل القيام بالتكليف كقضاء الدين ورد الوديعة مع جهل المكلِّف.

  قالوا: لو كان وجوب معرفة الله سبحانه لوجوب شكر النعمة لما وجبت إذ يكفي شكر المنعم على الجملة، وأيضاً لا يجب شكر النعمة إلا إذا عرف أن المنعم قصد وجه الإحسان فإن جهل وجه الإحسان كفى أن يقول الشاكر شكراً على هذه النعمة إن قصد بها وجه الإحسان.

  قالوا: وإن جهل فاعلها ووجه الإحسان كفى الشكر المشروط بشرطين، فيقال: شكراً لفاعل هذه المنفعة إن كان لها فاعل قصد بها وجه الإحسان.

  قالوا: وليس الجهل بالفاعل ولا بكونه قاصداً وجه الإحسان يقدح في العلم بوجوب شكر النعمة.

  والجواب والله الموفق: أن العقلاء يحكمون بقبح الجهل بالمنعم، ويوجبون بفطرة عقولهم معرفته ولا يعدون من شكر منهم منعماً مجهولاً من العقلاء بل يحكمون عليه بنقص العقل.