(فرع): يتفرع على كون معاصي الأنبياء لا عمد فيها
  وتعالى على مغاضبته لقومه لما كان ذلك غضباً لله تعالى وظن أن هجرته وفراره من قومه يسوغ له من غير إذن من الله ø فقد ظن # عدم العصيان سواء فسرنا قوله تعالى: {أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧]، على معنى التضييق كما ذكره الإمام # وصاحب البرهان والكشاف أو لا كما ذكره الهادي #.
  (و) من ذلك أي مما ظن أنه غير معصية خطيئة (داود #) في شأن امرأة أوريا قال الهادي # في جواب مسائل إبراهيم بن المحسن العلوي رحمة الله عليه حيث قال: وسألته عن قول الله سبحانه: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ٢١}[ص]، إلى قوله: {خَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ٢٤}[ص]، فقال #: هذا خبر من الله سبحانه عما نبه نبيه داود صلى الله عليه على أمنيّته من نكاح امرأة أوريا وذلك أنه لما سمع(١) الطير أشرف به الطير على جدار فأشرف داود ينظر أين توجه الطير فوقعت عينه على امرأة أوريا وهي حاسر فرأى من جمالها ما رغبه فيها فقال: لوددت أن هذه في نسائي ولم يكن غير هذا التمني وكل من يروي عليه سوى ذلك فهو باطل كذب فلما أن تمناها نبهه الله وعاتبه في السر وقد أعطاه أكثر من حاجته فبعث عليه ملكين فمثلا في صورة آدميين فتسورا عليه من المحراب وهو يصلي فدخلا عليه ففزع منهما وظن أنها داهية قد دهته وعدو قد هجم عليه في محرابه في وقت خلوته.
  فقالا له: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ٢٢}[ص]، يريد: لا تشطط أي لا تمل مع أحدنا فتشطط على الآخر ومعنى تشطط: فهو تشْدُد على أحدنا في غير حق، وسواء الصراط فهو: معتدله ومستقيمه ووسطه وقيّمه.
(١) قال في هامش الأصل: تبع (ظ).