كتاب المنزلة بين المنزلتين
  الشرائع سواء كان مستنبطاً أو منصوصاً والأعمال كلها على هذه الأقوال خارجة عن الإيمان فيلزمهم أنه من أقر بلسانه وعرف بقلبه وعاند بالتكبر والحسد فقتل الأنبياء واستخف بهم أن يكون مؤمناً.
  القول العاشر قول (النجدات) من الخوارج: (بل) الإيمان (الإقرار بالله وبكتبه ورسله وترك الفعل المحرم عقلاً)، ومن أخل بشيء من ذلك كفر، فأما ما ليس في العقل تحريمه من الأمور الشرعية فليست من الإيمان.
  وهذا القول باطل من وجهين:
  أحدهما: إخراج الشرعيات عن الإيمان.
  وثانيهما: قولهم: ومن خالف شيئاً من ذلك كفر؛ إذ من المعاصي ما لا كفر فيه كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (لنا) حجة على ما ذهبنا إليه: (قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}) [الأنفال]، فأخبر الله سبحانه أنه لا بد في حقيقة الإيمان من العمل وأنه لا يسمى مؤمناً في الشرع من لم يضم العمل إلى التصديق والمعرفة بالجنان والإقرار باللسان بقوله: «إنما» وهي موضوعة للحصر بمعنى أنه لا يسمى مؤمناً من لم يصل ولم ينفق مما رزقه الله تعالى، وهذا نص صريح فيما ذهبنا إليه.
  (ونحوها) أي نحو هذه الآيات كقوله [تعالى]: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣]، وقوله ø: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشورى: ٥٢]، والمراد الشرائع لأنه ÷ مصدق بالله عارف به من قبل مبعثه ÷.