كتاب المنزلة بين المنزلتين
  وكقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ٣ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ٤ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٦ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ٧ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ٨ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ٩ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ١٠ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ١١}[المؤمنون]، فوَصْفُ المؤمنين بهذه الصفات التي هي فعل الواجبات والطاعات واجتناب المقبحات يُشعر بأنه من لم يتصف بهذه الصفات فليس بمؤمن.
  وأيضاً اسم المؤمن مفيد للمدح كما ذكرنا بدليل أنه يحسن أن يقال: فلان بّر تقيٌ مؤمن صالح زكيٌّ.
  ولا يحسن أن يقال: فلان أبيض مؤمن قصير لما كان أبيض وقصير ليس بصفة مدح، فلو كان اسم مؤمن باقياً على معناه اللغوي لما كان مدحاً ولجاز مثل هذا الكلام.
  (و) لنا أيضاً (قوله ÷: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان، وأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»)(١). أخرجه الستة إلا الموطأ.
  وهذا نص صريح في أن الأعمال داخلة في مفهوم الإيمان وأن له شعباً أي أعمالاً كثيرة بعضها أفضل من بعض.
(١) رواه في تفسير البغوي، وتفسير الثعلبي، وتفسير الرازي، ورواه مسلم في صحيحه، والنسائي في سننه، وابن حبان في صحيحه، والبغوي في شرح السنة، والبيهقي في شعب الإيمان، والطبراني في الكبير كلهم عن أبي هريرة مرفوعاً، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي سعيد وعزاه إلى الأوسط الطبراني ثم قال: ورجال إسناده مستورون.