شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 107 - الجزء 4

  الناس من إسرار الشرك وإعلان التوحيد والإقرار لما جاز أن يقال لهم: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}⁣[آل عمران: ١٦٧]، وكيف يقول: هم أقرب إليه وهم فيه وعليه؟ هذا ما لا يصح في الألباب ولا يصلح توهمه في الكتاب؛ لتناقضه واختلافه وميله عن الحكمة وانصرافه.

  وكيف يصح أن لا يكون النفاق إلا إسرار الشرك بالله والله يقول سبحانه لرسوله ÷: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٩}⁣[التحريم]، فكيف يأمره بجهادهم على ما طووا من شركهم سراً وهو لا يحيط ÷ بكثير من علانيتهم خبراً فكيف يأمره بجهادهم على سر القلوب الذي لا يعلمه إلا علام الغيوب؟

  وكل من قال إن النفاق إسرار الشرك بالله غير موجب على نفسه لجهاد المسرين لشركهم بالله دون أن يعلنوا من الشرك ما أسروا ثم أن يمتنعوا في شركهم ويتبروا، وفي هذا عليهم حجة لعذرهم في الجهل بالنفاق قاطعة بينة مضيئة فيما قلنا به إن النفاق فعل علانية لهم مما قالوا إن أنصفوا مانعة. انتهى كلامه #.

  وهو يشعر بأن النفاق اسم يعم من أسر الكفر وأظهر الإسلام، ومن تسمى بأسماء المؤمنين وفعل أفعال الفاسقين لأنه موضوع لمن كانت أفعاله مخالفة لما انطوى عليه ضميره وهذا معلوم من لغة العرب إلى الآن فيقول القائل لذي الوجهين: إنما هو منافق، وفلان ينافق فلاناً وليس مراده # أن من أسر الكفر وأظهر الإسلام لا يسمى منافقاً والله أعلم.

  ثم ذكر # الصنف الثاني والثالث فقال:

  والصنف الثاني منهم الذين في قلوبهم مرض أي شكوك الارتياب فهم الذين يتولون كفرة أهل الكتاب كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا