كتاب المنزلة بين المنزلتين
  وهذا نص في تسميتهم كفاراً (فقد افترت المجبرة على الله الكذب حيث نسبت عصيان العباد إليه) ونزهت أنفسها والشيطان عن ذلك (وكذبت هي والمشبهة بالصدق لأن الله تعالى يقول: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر: ٧]، والمجبرة تقول: بل(١) رضيه) وإلا لم يقع في ملكه؛ إذ لو وقع في ملكه ما لا يرضاه لما كان إلا للعجز منه جل وعلا، وقد تقدم الرد عليهم.
  (ويقول تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، والمجسمة تقول: بلى(٢) هو كالأجسام) تعالى الله عن ذلك.
  (فسماهم الله تعالى) أي المشبهة والمجبرة (في آخر الآية كافرين) حيث قال: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ٣٢} والمعنى: أليس في جهنم مثوى لهم(٣) إلا أنه وضع المظهر موضع المضمر لإفادة الذم لهم والحكم بكونهم كفاراً.
  (و) لنا أيضاً حجة على كفرهم (الإجماع) المعلوم بين المسلمين (على أن من رد آية) من كتاب الله (فهو كافر) لرده ما علم ثبوته من الدين ضرورة، ولا شك أن المشبهة والمجبرة ردوا كثيراً من الآيات المحكمة.
  فإن قيل: إنهم لم يتعمدوا ذلك وإنما أخطأوا في التأويل مع تحريهم واجتهادهم في طلب الحق.
  قلت وبالله التوفيق: قد جعل الله سبحانه وتعالى من أكبر الحجج له جل وعلا على عباده حجة العقل وهم قد رفضوها ولم يعتمدوا عليها ومالوا إلى الآيات المتشابهات ورفضوا المحكمات وقد أمرهم الله سبحانه برد المتشابهات إلى
(١) بلى (نخ). اهـ (من هامش الأصل).
(٢) في (ب): بل.
(٣) أي: من كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه. (من هامش الأصل).