شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 193 - الجزء 4

  والثاني لما بلغ أوان التكليف فعل مثل تلك الكبيرة ثم مات فيلزم أن يكون عقاب هذين الرجلين سواء، ونحن نعلم أنه لا بد من فرق بينهما، ولا سبيل إلى الفرق بينهما إلا بما ذكرنا.

  (قلنا) في الجواب عليهم: (يحسن في العقل رد إحسان المسيء الغير المقلع) عن الإساءة كمن أساء إليك بقتل ولدك ثم أحسن إليك وهو غير مرتدع عن قتل الولد الآخر لأن إحسانه مع الإساءة وعدم الإقلاع كالاستهزاء.

  (ومع الرد) لإحسانه (لا فرق بينه وبين من لم يحسن؛ لعدم حصول ما يستحق به المكافأة، وهو قبول الإحسان) وذلك واضح.

  لا يقال: إذا ثبت الإجماع على عدم وجوب القضاء فيمن فعل طاعة من أهل الكبائر الغير المخرجة من الملة فلا يعاقب حينئذ على الإخلال بتلك الطاعة لأنه قد فعلها على وجهها، وإذا سقط عقابه على الإخلال بها فقد وصل إليه من فعلها خير وهو عدم العقاب على الإخلال بها.

  لأنا نقول: يمكن أن يعاقب على الإخلال بها لأنه مخاطب على الإتيان بها على الوجه الصحيح المقبول وهو الإيمان كما أن الكافر مخاطب بالإتيان بها كذلك والله أعلم.

  وأما من فعل طاعة وهو مرتكب للكبيرة المخرجة من الملة فهو كافر (ولا تسقط حسنات الكافر شيئاً من عقاب عصيانه اتفاقاً) بين العلماء (لعدم حصول شرطها) أي شرط الطاعات من الكافر (وهو الإسلام) إذ لا تصح الطاعة من الكافر اتفاقاً.

  وإنما كان الإسلام شرطاً فيها (لقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَاءِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ١٠٥}) [الكهف]، أي بطلت أعمالهم التي زعموا أنها طاعات فيعاقب الكافر على الإخلال