شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 197 - الجزء 4

  والمعلوم بخلافه. انتهى.

  والذي ذكره النجري والإمام المهدي # في الغايات: أن خلافهم إنما هو في الصغائر المكفرة في جنب الطاعات، وأما الذنوب المكفرة بالتوبة فإن أبا هاشم يوافق أباه أبا علي على أن التوبة تسقط العقاب بنفسها لا بموازنة ثوابها بل تسقط ما قبلها على جهة الحت إذ هي بذل الجهد في التلافي لما وقع من المعصية فالتساقط يقع بين فعلها وفعل المعصية لا بين المستحقين عليهما فتصير المعصية حينئذ كأن لم تكن فيسقط العقاب تبعاً لسقوطها من غير أن يسقط في مقابلته شيء من ثواب التوبة كما هو مذهب أبي علي في الموازنة بين الطاعة والمعصية هكذا لفظ النجري في شرح القلائد قال: وإنما اتفق الشيخان هنا على أن التساقط بين الفعلين دون المستحقين لعلمنا أن التوبة هي الندم، والأسف إنما يتناول ويتعلق بنفس المعصية من غير التفات إلى العقاب المستحق عليها بحيث لو لم يذكر التائب العقاب ولا خطر بباله لكانت توبته صحيحة مقبولة فيجب ألا يكون للعقاب مدخل في التساقط بل إنما يسقط تبعاً كما عرف. انتهى.

  (لنا) حجة على ما ذهبنا إليه أنه قد علم (ثبوت ثواب الحسنات) بالأدلة القاطعة المعلومة من الآيات القرآنية والسنة النبوية (و) علمنا أيضاً (فقد الدليل على سقوط شيء منه) أي من الثواب (ولو سقط بها) أي الحسنات (ذنب) فلا يلزم منه نقصان ثوابها لأنه لا دليل يدل على ذلك لا من عقل ولا من سمع.

  احتج المخالف بنحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، وقوله تعالى: {فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا}⁣[الأنبياء: ٤٧]، وقوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ٣٥}⁣[محمد]، وقوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ٣٠}⁣[الكهف]، وغير ذلك مما يدل على الموازنة؟