شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 198 - الجزء 4

  والجواب عليهم: ما تقدم من إبطال الموازنة.

  واعلم أن كلام الإمام # في هذا الفصل: أما على القول بأن في الذنوب من العمد صغائر حتى تكون تلك الصغائر مكفرة بالحسنات والآلام فواضح، وأما على ما اختاره # وحكاه عن الأئمة الذين تقدم ذكرهم من أن كل عمد كبيرة ففيه إشكال.

  لأنا إن قلنا: إن كل عمد كبيرة لم يبق إلا الخطأ والنسيان والمضطر إليه وما وقع بتأول وهذه المعاصي مكفرة بكل حال، ولا يصح أن يقال: إنها مكفرة بالحسنات والآلام، ولا أنها كفرت باجتناب الكبائر لأنه لا يشترط في تكفيرها حصول الحسنات والآلام ولا اجتناب الكبائر فمن لم يفعل حسنة ومات عقيب التكليف قبل أن يفعل طاعة وفعل معصية خطأ أو نسياناً فلا إثم عليه اتفاقاً مع أنه لم يفعل طاعة ولا اجتنب سيئة كبيرة إلا أن يقال إنه في هذه الحال قد اجتنب سيئة كبيرة لأنه يمكنه فيها ارتكاب الكبيرة بأي فعل من فعل الجارحة أو القلب.

  ولكنه يبقى الإشكال في قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}⁣[هود: ١١٤].

  وإن قلنا: إن المراد بتكفير السيئات مع التوبة كان المكفر للسيئات هو التوبة ولم يصح أن يقال: إن الحسنات يذهبن السيئات، اللهم إلا أن يقال إن التوبة من أعظم الحسنات وهي المراد في الآية من باب إطلاق العام على الخاص وهذا قول بعض أهل التفسير، ويعضده ما حكاه في الكشاف في سبب نزولها عن أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري كان يبيع التمر فأتته امرأة فأعجبته فقال لها: إن في البيت أجود من هذا فذهب بها إلى بيته وضمها إلى نفسه وقبلها فقالت له: اتق الله، فتركها وندم، فأتى رسول الله ÷ فأخبره بما فعل فقال: «أنتظر أمر ربي» فلما صلى صلاة العصر نزلت، فقال: «نعم، اذهب فإنها كفارة لما