كتاب المنزلة بين المنزلتين
  فعلت». انتهى ما حكاه في الكشاف وقد عرف منه أن الرجل قد تاب إلى الله سبحانه وندم قبل نزول الآية ولهذا أتى النبي ÷ يستغيث به كما أتاه ماعز الأسلمي حين واقع المعصية تائباً، واستدل بهذا بعض العلماء على أن التعزير يسقط بالتوبة بخلاف الحد.
  أو يقال: إن الحسنات لطف في تجنب السيئات كما تقدم وكما ذكره بعض المفسرين أيضاً والله أعلم.
  وقد أجاب الإمام # على من سأله عن ذلك فقال #: إن الحسنات والآلام من أسباب التوبة لمن وفقه الله سبحانه إليها، قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} بأن فعلوا الحسنات {زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧]، ومن الهدى التوفيق إلى التوبة.
  وقال سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥]، أي تدعو صاحبها إلى الإقلاع من المعاصي والتوبة عنها فإذهاب السيئات بالحسنات هو ما عرفناه بالأدلة من كون الحسنات من أسباب التوبة المذهبة للسيئة وكذلك القول في الأمراض.
  وأما خبر عائشة عن النبي ÷: «من وعك ليلة ... الخبر» فلا يبعد أن يجعل الله سبحانه عقاب بعض المعاصي المتعمدة في الدنيا كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى: ٣٠]، وفي قراءة بعضهم: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ٣٠} وإذا كان الأمر كذلك في الجميع فما في قولنا تناقض لمن تأمله. انتهى كلام الإمام # وهو كلام جيد وهو الحق الذي نعتقده فيرتفع الإشكال حينئذ والله أعلم.