شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر عذاب القبر نعوذ بالله تعالى منه

صفحة 250 - الجزء 4

  واحتج أيضاً بقوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}⁣[غافر: ٤٦]، وليس في الآخرة غدو ولا عشي إنما الغدو والعشي في الدنيا، فدل على أن المراد بذلك عذاب القبر.

  واعترض بأن ذلك عبارة عن الدوام لا عن الغدو والعشي حقيقة كما في قوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ٦٢}⁣[مريم].

  واحتج أيضاً بقوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ١٠١}⁣[التوبة]، قيل: الأولى بالسيف في الدنيا، والثانية بالقبر والثالثة بالنار.

  واحتج المنكرون لعذاب القبر بحجج من العقل والسمع:

  أما العقل فقالوا: لو جوزنا فيما نشاهد من الموتى أنهم أحياء معذبون مع مشاهدتنا لهم على مثل حال الجمادات لجوزنا فيما نشاهد من الجمادات أنها أحياء فُضلاء علماء بل نجوز في السرير الذي عليه الميت مثل ما نجوزه في الميت وذلك دخول في السفسطة ومن المعلوم أيضاً أنا نشاهد المصلوب على حالة واحدة لا يتغير عن حاله لو رصدناه أيما رصد.

  قلت: ويمكن الجواب بأن يقال: إنما تعذب الأرواح وقد ثبت بما ذكرناه عن بعض أئمة أهل البيت $ أن الروح جسم وإن كنا لا نعلم حقيقته وثبت أنه يبقى بعد مفارقته للجسد إلى قرب يوم القيامة.

  ويؤكد هذا ما ذكره الحسين بن القاسم بن علي # في جواب من سأله عن الإنسان من كتاب الرؤيا ولفظه: فأما العقل فلا يقع عليه الثواب والعقاب، وإنما هو شاهد على الخطأ والصواب، وإنما يقع الثواب والعقاب على الجسم والروح إذا اجتمعا وعلى الروح وحده وإن لم يكونا معاً، فأما الجسم الموات فلا يعقل إذا فارقته الحياة. انتهى.

  أو يقال: إن الله سبحانه يحيي بعض العاصين في قبره ويرد إليه روحه ويعذبه