شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في ذكر الصور

صفحة 259 - الجزء 4

  الأولى في الصوَر المصورَّة والأجسام المفتطرة ومعنى النفخة الأخرى فهي نفخة الله سبحانه الثانية في الصور والأبدان المتمزقة البالية لما أراد الله تعالى من حياتها ونشرها وتجديدها وبعثها من بعد موتها فكان نفخه بالحياة فيها نفخة ثانية أخرى من بعد الأولى للنشور والحياة.

  قال الله تبارك وتعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ٦٨}⁣[الزمر]، فأخبر سبحانه أن النفخ على المعنيين وأن له حالين مختلفين إذ كان حال الأولى ما أوجبه الله تعالى من حال الهلاك والانقضاء وحال النفخة الأخرى ما جعل الله فيها وبها من حال الحياة بعد الفناء فافهم ما قلنا واعرف من ذلك ما شرحنا من شرح النفخ ومعناه وأنه ما واقع الصور أولاً وآخراً من مراد الله وفعله وما حكم به سبحانه في خلقه. انتهى.

  قال الإمام #: (قلت وله) أي للصور في هذا الوزن وكونه جمعاً لصورة (نظائر) من ألفاظ العرب مثل (النُّقْب) فإنه (جمع نقبة) وهي الموضع المحتفر في جلد البعير ونحوه (من الجرب، قال الشاعر) وهو دريد⁣(⁣١) بن الصمة:

  ما إن رأيت ولا سمعت به ... كاليوم هاني أينق جرب

  متبذلاً تبدو محاسنه ... (يضع الهِنآء مواضع النقب)

  والهِناء⁣(⁣٢) القطران فالنقب هنا جمع نقبة ولا يجوز أن يكون مفرداً هنا لأنه قال: مواضع، والنقب الواحد موضع واحد فلا يصح أن يقول حينئذ مواضع.


(١) دريد بن الصمة الجشمي البكري: من هوازن من المعمرين في الجاهلية. عاش حتى سقط حاجباه عن عينيه، وأدرك الاسلام، ولم يسلم، فقتل على دين الجاهلية يوم حنين. (الأعلام للزركلي باختصار).

(٢) الهناء بكسر الهاء والمد ككتاب. (قاموس). اهـ (من هامش الأصل).