شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب): [في ذكر القيامة]

صفحة 274 - الجزء 4

  قلت: وقال علي # في جواب مسائل الشاك: وأما قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ٣٨}⁣[النبأ]، وقوله حيث استنطقوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ٢٣}⁣[الأنعام]، وقوله: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}⁣[العنكبوت: ٢٥]، وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ٦٤}⁣[ص]، وقوله: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ}⁣[ق: ٢٨]، وقوله: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ}⁣[يس: ٦٥]، فإن ذلك ليس في موطن واحد بل هو في مواطن في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، فيجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن فيتعارفون فيه ويكلم بعضهم بعضاً فاستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين قدمت منهم الطاعة للرسل والاتباع وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضاً الذين بدت منهم المعاصي وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يلعن بعضهم بعضاً، ويكفر بعضهم ببعض.

  والكفر في هذه الآية براءة يقول: تبرأ بعضهم من بعض، ونضيرها قول إبراهيم صلى الله عليه وآله وعلى محمد [وآله] والمرسلين حيث قال لأبيه وقومه: {كَفَرْنَا بِكُمْ}⁣[الممتحنة: ٤]، يقول: تبرأنا منكم ونضيرها قول الشيطان حيث قال لما قضي الأمر: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}⁣[إبراهيم: ٢٢].

  ثم يجمعون في موطن آخر يفر بعضهم من بعض فذلك قوله ø: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦}⁣[عبس]، ثم يجمعون في موطن يبكون فيه فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم ولتصدعت الجبال إلا ما شاء الله، ولا يزالون كذلك حتى يبكوا الدم ثم يجمعون في موطن يستنطقون فيه فيقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا