شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الحساب

صفحة 288 - الجزء 4

  {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ٧١ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ٧٢}⁣[مريم].

  ورووا في ذلك عن أبي هريرة خبراً وفي آخره: ولجهنم جسر وهو الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك والناس يمرون عليه منهم كالبرق والريح ومنهم من أخذته الكلاليب والحسك والناس بين ناج مسلّم ومخدوش مكبوب في النار على وجهه وغير ذلك.

  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: اختلف الناس في الصراط فعندنا وعند المعتزلة أن الصراط هو الطريق والصراط طريقان طريق الحق وطريق الباطل والصراط المستقيم هو صراط الحق.

  وقالت الحشوية: هو أحد من السيف وأدق من الشعرة. انتهى.

  (لنا) على ما ذهبنا إليه من أن الصراط مجاز: المراد به دين الله الذي جاء به رسول الله ÷: (قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}) [الأنعام: ١٥٣]، ونزلت هذه الآية (خطاباً لأهل الدنيا) وهي نص في أن المراد بالصراط دين الله القويم، (و) كما (قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}) [الأنعام: ١٦١]، فنص سبحانه وتعالى على أن المراد بالصراط هو الدين القويم حيث جعله تفسيراً وبياناً له وهذا لا خلاف فيه.

  (وقوله تعالى) في صفة دخول العصاة النار: ({يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ١٣}) [الطور]، والدع الدفع العنيف فيدفعهم خزنة النار إلى النار دفعاً عنيفاً على وجوههم وزخاً في أقفيتهم وهذا نص في دخولهم النار على هذه الصفة من غير جسر يتهافتون من فوقه.

  (و) مثله (قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}⁣[الزمر: ٧١]،