شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب): [في ذكر القيامة]

صفحة 290 - الجزء 4

  للجسر المذكور (أن) الملائكة و (الأنبياء والمؤمنين⁣(⁣١) يقولون: سلم سلم)، دعاء لهم بالسلامة (خوفاً من أن يقعوا فيها) أي في النار (وذلك أعظم تكليف) لا شك فيه.

  ثم نقول: إن هذا الذي زعمتم من إثبات الجسر والمرور عليه يناقض ما تقدم ذكره واتفق الإجماع منا ومنكم عليه من تبشير المؤمن في قبره بالجنة والعاصي بالنار وبعد ذلك الميزان سواء كان على حقيقته كما زعمتموه أو كان المراد به العدل والإنصاف كما هو الحق لأنه حينئذ يعرف به سعادة السعيد وشقاوة الشقي.

  ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}⁣[يونس: ٦٤]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠}⁣[فصلت]، وغير ذلك كثيرٌ فكيف يستقيم لكم بعد ذلك المرور على الجسر وخوف كل من مر عليه من التهافت في النار ودعاء الملائكة والأنبياء والمؤمنين سلم سلم هل هذا إلا مناقضة ظاهرة؟

  (قالوا) أي قال من أثبت الصراط جسراً على جهنم: (قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}) [مريم: ٧١]، أي النار (وليس ورودها إلا المرور على الجسر) الذي فوقها.

  (قلنا) جواباً عليهم: (بل ورودها) أي النار (حضورها) أي القرب منها (فقط) وذلك (لأن الورود في اللغة بمعنى الحضور كقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}⁣[القصص: ٢٣]، أي حضر) ماء مدين وحضورها هو (من غير


(١) في المتن والشرح الصغير: (والمرسلين) بدل: المؤمنين.