(فصل): في ذكر حقيقة الحد
  إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاحددها عن الفند
  والحد أيضاً: الحاجز بين الشيئين، وحد الرجل بأسه وحد كل شيء شباته(١)، وحد الشراب: صلابته، ذكر هذا في الصحاح.
  قيل: وقد تسمى الأعراض على جملتها حدوداً على عرف بعض العلماء لكونها تحد الجسم وتوجب له ما وجب لها من الحدوث كما قال المرتضى # إذا كانت الحدود والأجسام هي الدالة على الحدث، أي: الأعراض والأجسام.
  (و) حقيقته (في الاصطلاح) - أي في اصطلاح أهل العلوم -: (قول يشرح به اسم) أي: يبين بلفظ أوضح (أو يتصور به) أي: بذلك القول (ماهية) أي: يطلب به صورة ماهية المحدود أي: حقيقته وهذا في غير الباري سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يمكن ولا يجوز تصوره ø.
  (فالأول) وهو: ما يشرح به اسم (نحو قوله تعالى) حاكياً عن موسى # حيث قال: ({رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} أي: هو رب جميع الأجناس التي هي السماوات والأرض وما بينهما) {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ٢٤}[الشعراء]، (في جواب فرعون) حين قال لموسى صلى الله عليه: ({وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٣}[الشعراء]، أي: أي: جنس رب العالمين؟) أراد فرعون لعنه الله بقوله: وما رب العالمين؟ أي: جنس هو؟ أجني أم إنسي أم غير ذلك من الأجناس المتصورة؟ فأجابه بما حكاه الله سبحانه تنبيهاً على أن ذاته تعالى مخالفة لجميع الأجناس وأنه لا يعرف إلا بأفعاله ودلائله وأنه لا يتهيأ تصوره ولا معرفة ما كنهه، فقوله: {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} الآية - بيان وشرح للقول الأول وهو قوله: {رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٣}.
  (والثاني): وهو الذي يتصور به ماهية (نحو قولهم): أي: قول المصطلحين
(١) شبات كل شيء: حد طرفه. تمت (لسان العرب).