شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر حقيقة الحد

صفحة 260 - الجزء 1

  كل ما تصوره الفهم أو تخيله الوهم فهو مخلوق مجعول، وما كان كذلك فليس بواحد إذ قد شاركه غيره في كونه مخلوقاً مجعولاً وغير ذلك من الصفات.

  اعلم أنا قد ذكرنا فيما سبق أن الله سبحانه لا يعلم ضرورة فلا بد من تحصيل معرفته بالبراهين العقلية.

  قال الإمام يحيى #: فأما الأمور السمعية على تعددها واختلاف أنواعها فلا سبيل إلى العلم بذاته تعالى بواسطتها لأن صحة كل منها متوقف على معرفة الله تعالى ومعرفة حكمته، وأما البراهين العقلية فالنظر فيها مقصور على ما يكون له تعلق بذاته تعالى نوع تعلق ليكون بالدلالة عليه أولى من الدلالة على غيره.

  ثم هي منقسمة في أنفسها قسمين: فالقسم الأول منها استدلال بالمؤثر على الأثر، قال في التمهيد: وهو ضربان: أحدهما: أن يكون تأثيره بطريق الإيجاب، وذلك كاستدلالنا على كونه مدركاً بكونه حياً.

  والثاني: أن يكون تأثيره بطريق الاختيار وذلك كاستدلالنا بكونه تعالى عالماً بقبح القبيح وغنياً عن فعله أنه لا يفعله، وبكونه عالماً بوجوب الواجب عليه وقادراً عليه على وجوب حصوله من جهته.

  قلت: والحق أنه لا يجوز ولا يصح أن يكون التأثير في حقه تعالى على جهة الإيجاب لا في مسألة الإدراك ولا غيرها وإدراكه تعالى للمدركات إنما هو علمه بها لما سيأتي في مسألة «سميع بصير» إن شاء الله تعالى، والحق أيضاً أنه لا واجب على الله تعالى لعباده كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  وأما الاستدلال بكونه تعالى عالماً بقبح القبيح وغنياً عن فعله على أنه لا يفعله فصحيح.

  قال #: والقسم الثاني منها استدلال بالأثر على مؤثره ثم هذا القسم نوعان: أحدهما: أن يكون الأثر صادراً عن مؤثره على سبيل الإيجاب كمعلولات العلل وهذا في حقه تعالى محال؛ لأن ذاته غير موجبة كما سنقرره في