(فصل): في ذكر حقيقة الحد
  موضعه إن شاء الله تعالى.
  وثانيهما: أن يكون الأثر صادراً على جهة الاختيار وتلك الآثار نوعان: جواهر وأعراض، والأعراض على نوعين: أحدهما غير مقدور لنا كالروائح والطعوم والألوان والحياة والشهوة والقدرة وغيرها.
  وثانيهما: مقدور لنا كالحركة والاعتماد والصوت، فما كان مقدوراً لنا فلا سبيل لنا إلى الاستدلال به على الله تعالى؛ إذ ليس يكون دالاً عليه إلا إذا كان مختصاً بالوقوع من جهته إلا إذا وقع على وجه يتعذر وقوعه منا على ذلك الوجه كحركة الفلك وجري الشمس والقمر وهبوب الريح فإنه يكون دليلاً عليه تعالى.
  وأما الجواهر والأعراض التي ليست مقدورة لنا فهي دالة عليه تعالى بكل حال.
  إلى أن قال #: واعلم أن توجيهات الدلائل التي تدل على حدوث العالم كثيرة وهي في كيفية دلالتها على الحدوث على وجهين:
  الأول منهما عام لجميع الأجسام مفرداتها ومركباتها، وشامل لجميع متباينات أصنافها ومختلفات أنواعها وهذا كالدلائل المبنية على مقارنتها للحوادث وسلوك طريقة الإمكان إلى غير ذلك من الطرق العقلية.
  الثاني: خاص ببعض الأجسام وهذا كالدلائل المأخوذة من السماوات على صفاتها واختلاف كيفياتها، ثم الدلائل المأخوذة من الأرضين وما فيها من عجائب الخلق من الحيوانات والنباتات وعوالم البر والبحر، ثم الدلائل المأخوذة من الأمور الحاصلة بينهما كالسحاب المسخر بين السماء والأرض ومجاري الريح والأمطار واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم إلى غير ذلك من عجيب الإتقان وبديع الخلق وإحكامه على القانون الذي لا يعلم مصلحته إلا هو ولا يحيط بدقائق صنعه إلا علمه، فسبحان من لا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام. انتهى(١).
(١) أي: كلام الإمام يحيى بن حمزة #.