(فصل): [في حدوث العالم]
  قلت: وقد سلك الإمام # في كتابه هذا طريقة المتقدمين من أهل البيت $ وهي الاستدلال على ذاته تعالى بالآيات المثيرة لدفائن العقول كما ستراه إن شاء الله تعالى وهي في الحقيقة استدلال بالمصنوع على الصانع ولما كان الدليل على ذات الله تعالى هو حدوث صنعه وجب ذكر حدوث العالم أولاً، فقال #:
(فصل): [في حدوث العالَم]
  (والعالم محدَث)، وحقيقة المحدث: «هو ما سبق وجودَه عدمُه، أو سبق وجودَه وجودُ غيره» فهذا حقيقة المحدث، وأما العالم فنذكر اختلاف الناس فيه وفي أول مخلوق ما هو، وفي أنواعه.
  أما اختلاف الناس في العالم: فقال السيد حميدان #: العالم عند الموحدين له معنيان، فالمعنى الأول: أن يراد به جملة ما يعقل وما لا يعقل من السماوات والأرض وما بينهما.
  والمعنى الثاني: أن يراد به ما يعقل خاصة فالعالمون هم الملائكة والجن والإنس واحدهم عالم، ويقال لكل أهل عصر عالم.
  ومن رواة الأخبار من قال: إن العرش والكرسي غير السماوات والأرض.
  وقال بعض الأئمة $: يمكن أن يكون العرش هو جملة العالم، ويمكن أن يكون موضعاً من أشرف العالم عظم الله أمره وسماه عرشاً له كما عظم أمر مواضع في الأرض وسماها بيوتاً، قال: ويمكن أن يكون الكرسي ضرب مثل لإحاطة علم الله تعالى بكل شيء، ولا فرق بين قوله سبحانه: إنه استوى على العرش وقوله: إنه في السماء إله وفي الأرض إله. انتهى.
  قلت: وسيأتي الكلام في تفسير العرش والكرسي إن شاء الله.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: ولا خلاف أن العالم يسمى صنعاً، قال: وهو مصدر من صنع يصنع صنعاً، وأصله فعل يفعل فعلاً، فصح أن اسمه يدل على أنه فعل ولا يكون الفعل إلا من فاعل، ولا يكون إلا