(فصل): [في حدوث العالم]
  (وقول ثمامة(١)) أي: وبذا يعرف بطلان قول ثمامة بن أشرس من المعتزلة: إن (المتولد) من الأفعال (محدَثٌ لا مُحدِث له) وسيأتي تحقيق قوله وإبطاله أيضاً في باب المتولدات إن شاء الله تعالى.
  (وإلا) أي: وإن لم يكن تأثير لا مؤثر له محالاً عند العقلاء (لزم أن يوجد بناء بلا بان، وهو محال) ضرورة فثبت أن المحدَث لا بد له من محدِث، (ولا) يصح أن يكون المحدث للعالم هو (الثاني) أيضاً أي: العلة ونحوها مما زعموه مؤثراً؛ (إذ) قد ثبت أنه (لا تأثير لغير الفاعل كما تقدم في فصل المؤثرات) فلا وجه لإعادة ذلك. (فثبت أنه) أي: التأثير في حدوث العالم (لفاعل) أحدثه وصنعه وفطره وابتدعه من العدم المحض بعد أن لم يكن شيئاً وهو الله رب العالمين.
  (قالوا): أي: قال من خالف في حدوث العالم من الفلاسفة وغيرهم (تعلق القدرة) أي: قدرة المؤثر (به) أي: بالعالم في (حال عدمه محال) لا يعقل.
  (قلنا) رداً عليهم: (بل محال أن تتعلق القدرة) من الفاعل المؤثر (بالموجود) إذ هو بعد وجوده مستغن عن المؤثر (وإنما تتعلق القدرة بالمعدوم لتحصيله) أي: لإيجاده (لأن المقدور لو كان حاصلاً عند تعلق القدرة به لتحصيله) كما ذكرتم (لأغناه ذلك) أي: حصوله (عن تعلق القدرة به) فبطل ما زعمتموه.
  (قالوا:) دليلنا العمارة فإنها (تعلقت القدرة بالحجارة للعمارة، والحجارة موجودة) حال العمارة.
  (قلنا) رداً عليهم: (الحجارة من جملة آلة العمارة) وبعض من أبعاض الآلة، (فتعلق القدرة بالعمارة إنما كان حال عدمها) أي: عدم العمارة وهي ضم الأحجار
(١) هو ثمامة بن أشرس النميري أبو معن، من كبار المعتزلة وأحد الفصحاء البلغاء المقدمين، كان له اتصال بالرشيد ثم بالمأمون، وكان ذا نوادر وملح، من تلاميذه الجاحظ. (الأعلام للزركلي باختصار). وفي المنية والأمل: هو من الطبقة السابعة من المعتزلة، كان عدلياً، وهو الذي ناظر أبو العتاهية الشاعر الجبري فقطعه وأفحمه وهما بحضرة المأمون العباسي.