شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[بعض طرق أهل البيت $ في الاستدلال على الله تعالى]

صفحة 278 - الجزء 1

  قال #: ووجه الدلالة في هذه الآية فهو كون الإنسان تراباً ثم نطفة ثم علقة لا تخلو هذه الأحوال من خلتين إما أن تكون محدثة أو قديمة، فإن كانت محدثة فهي من أدل الدلالة على وجود إنيته لعلل منها أن المحدَث متعلق في العقل بمحدِثه كما كانت الكتابة متعلقة بكاتبها، والنظم بناظمه إذ لا يجوز وجود كتابة لا كاتب لها ووجود أثر لا مؤثر له في الحس والعقل.

  ومنها: أن المحدث هو ما لم يكن فَكُوِّن فهو في حال كونه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون هو كَوَّن نفسه أو غيره كوَّنه.

  فإن كان هو كون نفسه لم يخل أيضاً من أحد أمرين: إما أن يكون كون نفسه وهو معدوم أو كونها وهو موجود.

  فإن كان كونها وهو معدوم فمحال أن يكون المعدوم أوجد نفسه وهو معدوم.

  وإن كونها وهو موجود فمحال أن يكون الموجود أوجد نفسه وهو موجود إذ وجود نفسه قد أغناه عن أن يكوِّن نفسه ثانياً.

  فإذا بطل هذا ثبت أن الذي كوَّنه غيره، وأنه قديم ليس بمحدث إذ لو كان محدثاً كان حكمه حكم المحدثات.

  وإن كانت الأحوال قديمة فذلك يستحيل؛ لأنا نراها تحدث شيئاً بعد شيء في حين واحد في نفس واحدة ولو كانت كلها مع اختلافها في أنفسها وأوقاتها قديمة لكانت الترابية نطفة مضغة دماً علقة عظماً لحماً إنساناً في حالة واحدة؛ إذ القديم هو الذي لم يكوَّن ولم يزل وجوده وإذا لم يزل وجود هذه الأحوال كان على ما قلتُ من كونه تراباً مضغة لحماً عظماً إنساناً في حالة واحدة إذ الأحوال لم يسبق بعضها بعضاً؛ ولأنها قديمة، ولأن كل واحد منها في باب القدم سواء، فإذا استحال وجود هذه الأحوال معاً في حين واحد في حالة واحدة وثبت أن الترابية سابقة للنطفة والنطفة سابقة للحال التي بعدها صح الحدوث وانتفى