(فصل): [في حدوث العالم]
  عنها القدم، وإذا صح الحدوث فقد قلنا بديّاً إن المحدَث متعلق في العقل بمحدثِه.
  قال الملحد: وما أنكرت أن تكون الأحوال حديثة وأن العين التي هي الجسم قديمة.
  قال القاسم #: أنكرت ذلك من حيث لم أره منفكاً من هذه الأحوال بتة فلما لم أره منفكاً من هذه الأحوال ولا جاز أن ينفك عنها كان حكم العين كحكم الأحوال في الحدث.
  قال الملحد: ولم؟
  قال القاسم #: من قبل أنها أعني العين إذا كانت قديمة وكانت الأحوال محدثة فهي لم تزل تحدث فيها الأحوال.
  وإذا قلت: لم تزل تحدث فيها ناقضت لأن قولك: لم تزل، خلاف قولك: تحدث، و الكلام إذا اجتمع فيه إثبات شيء ونفيه في حال واحد استحال وذلك أنها إذا لم تزل تحدث فيها فقد أثبتها قديماً لم تزل تحدث فيها وإذا كان هذا هكذا فهي لم تسبق الحدث فقد صار الحدث قديماً؛ لأنه صفة الجسم الذي هو قديم وإذا كانت صفته استحال أن يكون صفة القديم التي لا يخلو منها ولا يزول عنها محدثاً وهذا محال بيِّن الإحالة؛ لأن فيه تثبيت المحدث قديماً والقديم محدثاً.
  قال الملحد: فما أنكرت أن تكون الأعيان هي التي فعلت الأحوال.
  قال القاسم #: بمثل ما أنكرت زيادتك الأولى لأنه لا فرق بين أن تكون هي الفاعلة وهي لم تسبق فعلها أو تكون قديمة ولم تسبق صفاتها لأن الفاعل سابق لفعله متقدم له فكذلك القديم الذي لم يزل سابقاً للذي لم يكن لأن في إثبات الفعل له إثبات حدث فعله وإذا لم يسبق فعله فقد جمعت بينهما في حال واحد وثبت للشيء الواحد القدم والحدث في حالة واحدة وهذا محال بيِّن الإحالة.