شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في حدوث العالم]

صفحة 302 - الجزء 1

  قالوا: وإنما تختلف بالاعتبار وإلا فقد يكون الكون الواحد حركة وسكوناً واجتماعاً وافتراقاً وقد يصير الكون المطلق سكوناً واجتماعاً وافتراقاً وكذا حركة لكن على ضرب من التقدير ذكره النجري.

  قال القرشي: والذي يؤثر فيه الفاعل أحد أمرين: إما مجرد الإحداث وهو إكساب المعدوم صفة الوجود فقط، أو الإحداث على وجه أي: إيجاد الفعل على وجه الإحكام.

  مثال الأول: جذب النَّفَس ودفعه وفتح الحدقة وإطباقها ونحو ذلك مما لا يقصد فيه إلا مجرد الإيجاد.

  ومثال الثاني إيجاد الكتابة المفهمة ونحوها من المحكمات فإن الفاعل يؤثر في إيجاد ذلك بقادريته وفي إحكامه بعالميته.

  قالوا: وإن كان المؤثر في الإحكام في الحقيقة هو القادرية، والعالمية شرطٌ؛ لأنه أوجده محكماً بالقادرية بواسطة كونه عالماً وكذا إيجاد الكلام أمراً أو خبراً بواسطة الإرادة. انتهى ما ذكره القرشي في منهاجه، وقد مر إبطال تأثير هذه المعاني في ذكر ما يعرف به شبهة الخصم فلا وجه لإعادته.

  وإلى إبطاله وإثبات هذه الأعراض التي هي صفات الجسم بالفاعل ذهب الإمام يحيى # وأبو الحسين البصري وابن الملاحمي وغيرهم وهو الحق كما تقرر هناك.

  وأما الأصل الثاني وهو أن هذه الأعراض محدثة: فإنا نعلم بالضرورة حدوث الحركة بعد أن لم تكن، وكذلك باقيها، وكذلك نعلم أنه ما من جوهر حاصل في جهة إلا ويجوز انتقاله عنها، ولا ساكن إلا ويجوز تحركه، ولا مجتمع إلا ويجوز افتراقه، ولا مفترق إلا ويجوز اجتماعه؛ لأن المصحح لهذه الحصولات في الأحياز ليس إلا كونها أجراماً والجرمية حاصلة في كل جوهر.

  وأما الأصل الثالث وهو أن الأجسام لا يجوز خلوها عن هذه الأعراض