(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى
  (معلوم البطلان) بين العقلاء وذلك أن العقل يقضي ضرورة ببطلان مُحدِثٍ يُحدِثُ مُحدِثاً إلى ما لا نهاية له لا يدفع ذلك إلا مكابر وكذلك الحكم على مُحدِثٍ يُحدِثُ مُحدِث العالم والاقتصار عليه بلا حجة معلومة لا ضرورة ولا استدلالاً إلا مجرد دعوى باطلة.
  والصفة الثالثة: ما أشار إليه # بقوله: (قادراً) على كل شيء من الممكنات؛ (لأن الفعل لا يصح إلا من قادر) يعلم ذلك (ضرورة) وقد صح الفعل منه تعالى كما ذكرنا من بعض صنعه جل وعلا، وهو سبحانه القادر حقيقة؛ لأنه تعالى قادر لا بقدرة مجعولة له وغيره من القادرين قادر مجازاً؛ لأنه قادر بقدرة مجعولة له فهو على الحقيقة مُقْدَر وعلى المجاز قادر بما جعل الله له من القدرة ولأجل هذا الفرق الذي ذكرناه وقع الاختلاف في مقدور المخلوق ومقدور الخالق فمقدور الخالق كل شيء من الأجسام وغيرها ومقدور المخلوق إنما هو نحو الحركة والسكون فقط.
  قال الإمام يحيى # في الشامل: اعلم أن المتكلمين بالإضافة إلى تعلق قدرة الله تعالى بمقدور العبد على أربعة أقسام:
  الأول: ذهبوا إلى أن الله تعالى قادر على عين مقدور العبد ويجوز وجوده من جهته وجوزوا وجود مقدور بين قادرين، وهذا هو مذهب أبي الحسين البصري ومحمود الخوارزمي وأصحابهما.
  قال: وهذا هو المختار ويدل عليه مسالك منها ما ذكره الشيخ أبو الحسين وهو أن الله تعالى قادر لذاته ونسبة ذاته إلى كل الممكنات على سواء ومقدور العبد من جملة الممكنات فيجب أن يكون قادراً عليه فوجب شمول قادرية الله تعالى لجميع مقدورات العباد.
  ومنها عن أبي الحسين أيضاً: أن قدرة الله تعالى فيما لم يزل قبل خلق العالم وقبل خلق القادرين بالقدرة تتعلق بجميع الممكنات ثم إذا وُجد القادرون